الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. ( قال رحمه الله ) : وإذا أوصى رجل بدينار إلا درهما أو بمائة درهم إلا دينارا فهو كما قال : يعطى ممن ثلثه دينار إلا درهما ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف فأما عند محمد يعطى ما سمي له أولا والاستثناء باطل وقد بينا المسألة في الإقرار أن الاستثناء بخلاف الجنس لغو عند محمد رحمه الله ; لأن الاستثناء لإخراج ما وراءه .

ولولاه لكان الكلام متناولا له ، ولا يتحقق ذلك مع اختلاف الجنس فلا يكون هذا استثناء على الحقيقة بل يكون استثناء منقطعا بمعنى لكن فمعناه أوصيت له بالدينار ولكن لم أوص له بدرهم فلا يكون رجوعا على شيء وهما يقولان : المجانسة في المقدار ثابتة معنى من حيث إنها ثبتت في الذمة ثبوتا صحيحا ، وإنما كان الاستثناء عبارة [ ص: 84 ] عما وراء المستثنى بطريق المعنى دون الصورة فكان اعتبار المعنى فيه مرجحا ; فلهذا صح استثناء المقدر من المقدر .

وإن لم يكن من جنسه صورة فعلى هذا لو قال : كر حنطة إلا درهما أو كر شعير إلا مختوم حنطة نقص من الشعير قيمة ذلك ، وكذلك لو قال : له داري هذه أو عبدي هذا إلا مائة درهم فعندهما يبطل من ذلك قيمة مائة درهم ويجوز له ما بقي من الثلث ، وهذا مشكل فإن الدار والعبد ليسا بمقدرين ولكنهما يشترطان أن يكون المستثنى مقدرا والمستثنى هنا مقدر ، وكأنهما يعتبران الاستثناء فاعتبار المالية في المقدرات يعرف بالتسمية فيصح استثناء القدر من خلاف جنسه مقدرا كان أو غير مقدر أو يقول : هذا في معنى وصية ببيع الدار والعبد منه بمائة فكأنه يقول : جعلت ملك هذه الدار وماليتها محاباة إلا بقدر مائة درهم فإني لا أخلفها له بعوض .

ولو كانت الدار قيمتها ألفا ، فأوصى ببيعها منه بمائة جازت المحاباة من الثلث فهاهنا كذلك إلا أن هناك التمليك مضاف إلى جميع الدار وههنا إلى ما وراء المستثنى معنى وقيمة مائة درهم من الدار يكون للورثة والباقي للموصى له

التالي السابق


الخدمات العلمية