الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى في اللواط بشيء ؛ لأن هذا لم تكن تعرفه [ ص: 37 ] العرب ، ولم يرفع إليه صلى الله عليه وسلم ، ولكن ثبت عنه أنه قال : اقتلوا الفاعل والمفعول به . رواه أهل السنن الأربعة ، وإسناده صحيح ، وقال الترمذي : حديث حسن .

وحكم به أبو بكر الصديق ، وكتب به إلى خالد بعد مشاورة الصحابة ، وكان علي أشدهم في ذلك .

وقال ابن القصار ، وشيخنا : أجمعت الصحابة على قتله ، وإنما اختلفوا في كيفية قتله ، فقال أبو بكر الصديق : يرمى من شاهق ، وقال علي رضي الله عنه : يهدم عليه حائط . وقال ابن عباس : يقتلان بالحجارة . فهذا اتفاق منهم على قتله ، وإن اختلفوا في كيفيته ، وهذا موافق لحكمه صلى الله عليه وسلم فيمن وطئ ذات محرم ، لأن الوطء في الموضعين لا يباح للواطئ بحال ، ولهذا جمع بينهما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، فإنه روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه ، وروى أيضا عنه : من وقع على ذات محرم ، فاقتلوه ، وفي حديثه أيضا بالإسناد : من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه .

[ ص: 38 ] وهذا الحكم على وفق حكم الشارع ، فإن المحرمات كلما تغلظت ، تغلظت عقوباتها ، ووطء من لا يباح بحال أعظم جرما من وطء من يباح في بعض الأحوال ، فيكون حده أغلظ ، وقد نص أحمد في إحدى الروايتين عنه ، أن حكم من أتى بهيمة حكم اللواط سواء ، فيقتل بكل حال ، أو يكون حده حد الزاني .

واختلف السلف في ذلك ، فقال الحسن : حده حد الزاني . وقال أبو سلمة عنه : يقتل بكل حال ، وقال الشعبي والنخعي : يعزر ، وبه أخذ الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد في رواية ، فإن ابن عباس رضي الله عنه أفتى بذلك ، وهو راوي الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية