الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا عبد الله بن محمد بن سالم ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، سمع عليا رضي الله تعالى عنه يقول : " يا أيها الناس يأتوني فقهاؤكم يسألوني وأسألهم ، فلما كان من الغد غدونا إليه حتى امتلأت الرحبة ، فجعل يسألهم ما كذا ، ما كذا ، ويسألونه : يا أمير المؤمنين ما كذا فيخبرهم ، حتى ارتفع النهار وتصدعوا غير شريح جاث على ركبتيه لا يسأله عن شيء إلا قال كذا وكذا ، ولا يسأله شريح عن شيء إلا أخبره به ، فسمعت عليا يقول : قم يا شريح فأنت أقضى العرب " .

              حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي ، ثنا عبد الله بن صالح ، ثنا عبثر ، عن أجلح ، عن رجل ، قال : بينا أنا قاعد عند شريح إذا جاءته جدة صبي وأمه تختصمان فيه ، كل واحدة تقول : أنا أحق به .

              فقالت الجدة :

              [ ص: 135 ]

              أبا أمية أتيناك وأنت المرء نأتـيه أتاك ابن وأماه وكلتـانا تـفـديه     فلو كنت تأيمت لما نازعتك فـيه
              تزوجت فهاتيه ولا يذهب بك التيه     ألا يا أيهـا الـقـــاضـــي
              فهـذي قـصـتــي فـــيه

              فقالت الأم :


              ألا أيها الـقـاضـي     قد قالت لك الجـده
              قولا فاستمع مـنـي     ولا تنظرنـنـي رده
              تعزى النفس عن ابني     وكبدي حملت كبـده
              فلما صار في حجري     يتيما ضائعا وحـده
              تزوجت رجاء الخيـ     ـر من يكفيني فـقـده
              ومن يظهر لي الـود     ومن يحسن لي رفده

              فقال شريح رحمه الله :


              قد سمع القاضي ما قلتـمـا     وعلى القاضي جهد إن عقل
              قال للجدة بيني بالـصـبـي     وخذي ابنك من ذات العلـل
              إنها لو صبرت كـان لـهـا     قبل دعواها يبغيها الـبـدل

              فقضى به للجدة .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن مسعود ، ثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن ابن عون ، عن إبراهيم عن شريح أنه قضى على رجل باعترافه ، فقال : يا أبا أمية قضيت علي بغير بينة ؟ قال : أخبرني بذلك ابن أخت خالتك .

              حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، ثنا إبراهيم بن أسباط ، ثنا علي بن الجعد ، أخبرنا المسعودي ، عن أبي حصين قال : سئل شريح عن شاة تأكل الذباب ، فقال : علف مجان ولبن طيب .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن سعيد ، عن أبي حيان التيمي ، قال : ثنا أبي ، قال : كان شريح إذا مات لأهله سنور أمر بها فألقيت في جوف داره ، ولم يكن لها مثغب شارع إلا [ ص: 136 ] في جوف داره اتقاء لأذى المسلم .

              حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد ، ثنا أبو روق الهزاني ، ثنا الرياشي ، قال : قال رجل لشريح : إني أعهدك وإن شأنك لشوين ، فقال شريح : أراك تعرف نعمة الله على غيرك وتجهلها في نفسك .

              حدثنا أحمد بن سليمان ، ثنا أحمد بن يحيى ثعلب النحوي ، ثنا عبد الله بن شبيب ، حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن زياد بن سمعان ، قال : كتب شريح القاضي إلى أخ له هرب من الطاعون : أما بعد ، فإنك والمكان الذي أنت به بعين من لا يعجزن من طلب ، ولا يفوته من هرب ، والمكان الذي خلفته لم يعجل أمر حمامه ، ولم يظلمه أيامه ، وإنك وإياهم لعلى بساط واحد ، وإن المنتجع من ذي قدرة لقريب ، والسلام .

              حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد ، ثنا عبدان بن أحمد ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا علي بن مسهر ، عن الشيباني ، عن الشعبي ، عن شريح ، أن عمر كتب إليه : إذا جاءك الشيء في كتاب الله فاقض به ولا يلفتنك عنه رجال ، وإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية