الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم كلثوم أنه قال : «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ، فينمي خيرا ويقول خيرا » . وثبت عنه أنه قال : «الحرب خدعة » ، وكان إذا أراد غزوة ورى بغيرها . وثبت عنه أنه قال : «بئس أخو العشيرة » ، فلما دخل ألان له القول وقال : «يا عائشة ، إن شر الناس من ودعه الناس اتقاء فحشه » .

قالت أم كلثوم : ولم أسمعه يرخص فيما يقول الناس إنه كذب إلا في الحرب والإصلاح بين الناس والرجل يحدث امرأته . . .

فهذه المعاني التي جاءت بها النصوص يجمعها نوعان : المسالمة لمن أمر الله بمسالمته ، والمحاربة لمن أمر الله بمحاربته . فالإصلاح بين الاثنين هو من نوع المسالمة الشرعية ، وإصلاح الرجل بينه وبين امرأته من أعظم الإصلاح والمسالمة الشرعية ، وكذلك إصلاح الرجل بينه وبين من يؤمر بمسالمته من إخوانه ورعيته وأئمته . فإذا كان هو مأمورا بأن يصلح بين فئتين من المؤمنين غيره ، فلأن يؤمر أن يصلح بينه وبين [ ص: 68 ] إخوانه من المؤمنين أولى ، فإنه إلى هذا أحوج ، وهو عليه أوكد إيجابا أو استحبابا ، إذ التأليف بين الناس والإصلاح بينهم فرع مؤالفته لهم وصلاح حاله معهم . قال الله تعالى : فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم [الأنفال :1] ، وقال : ادفع بالتي هي أحسن السيئة [المؤمنون :96] ، وقال : وقولوا للناس حسنا [البقرة :83] ، وقال : وعاشروهن بالمعروف [النساء :19] ، وقال : فأصلحوا بين أخويكم [الحجرات :10] ، وقال : إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس [النساء :114] .

التالي السابق


الخدمات العلمية