الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في القسم بين الزوجات]

                                                                                                                                                                                        القسم بين الزوجات يوم بيوم، لا أكثر فإن رضي الزوج والنسوة أن يكون اليومين والثلاثة جاز؛ لأن ذلك من حقوقهن. ويختلف إذا أراد [ ص: 2048 ] الزوج ذلك بغير رضاهن فمنعه في كتاب محمد، وهو ظاهر المدونة، قال: ويكفيك في ذلك ما مضى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن أصحابه.

                                                                                                                                                                                        وأجاز ابن القصار أن يسبع عند الثيب ويحاسب، لحديث أم سلمة، فعلى هذا يجوز يومان وثلاثة بغير رضاهن، إذا لم يجعل ذلك سنة، وللزوج أن يبتدئ بالقسم بالليل والنهار، وليس له أن يأتي إحداهن في يوم الأخرى ليقيم عندها، واختلف هل يدخل لقضاء حاجة؟ فأجاز مالك في كتاب محمد أن يأتي عائدا أو لحاجة أو ليضع ثيابه عندها، وليس عند الأخرى شيء من ثيابه إذا كان ذلك منه على غير ميل ولا ضرر.

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا: لا يقيم عند إحداهما إلا من عذر لا بد منه من اقتضاء دين، أو تجارة، أو علاج. وقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: لا بأس أن يقف بباب إحداهن ويسلم من غير أن يدخل، وأن يأكل مما تبعث به إليه. وهذا أحسن، فلا يدخل لإحداهما في يوم الأخرى إلا لضرورة تنزل؛ لأن الغالب أن منزلة الزوجتين تختلف، فإذا سوغ أن يضع ثيابه أو تجارته عند إحداهن قصد بذلك من له إليها ميل، وصار بذلك إلى ما يحبه، ولم يتحصل القسم.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أغلقت إحداهن دونه بابها، فقال مالك في كتاب [ ص: 2049 ] محمد: إن قدر أن يبيت في حجرتها وإلا يذهب إلى الأخرى. وقال ابن القاسم: يؤدبها، ولا يذهب إلى الأخرى وإن كانت هي الظالمة. وقال أصبغ: إلا أن يكون يكثر ذلك منها، ولا مأوى له سواها.

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن؛ لأنها وإن ظلمت فلم تأذن أن تعطي حقها لضرتها، إلا أن يتكرر ويرى ألا يصدها عن ذلك إلا كونه عند ضرتها. وإن كانت الزوجتان في بلدين- لم يقسم يوما يوما، ويجوز أن تكون الجمعة والشهر والشهرين على قدر بعد الموضعين، وما لا يدركه في اختلافه بينهن ضرر، ثم لا يقيم عند إحداهن أكثر، إلا أن يكون ذلك لتجارة حبسته، أو ضيعة ينظر فيها.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية