الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [140] قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين

                                                                                                                                                                                                                                      قد خسر الذين قتلوا أولادهم يعني: وأد بناتهم خشية السبي أو الفقر: سفها بغير علم لخفة أحلامهم وجهلهم بأن الله هو رازق أولادهم، لا هم.

                                                                                                                                                                                                                                      وحرموا ما رزقهم الله من البحائر والسوائب ونحوهما: افتراء على الله قد ضلوا عن الصراط المستقيم وما كانوا مهتدين أي: إلى الحق والصواب.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشهاب: وفي قوله: وما كانوا مهتدين بعد قوله: قد ضلوا مبالغة في نفي الهداية عنهم؛ لأن صيغة الفعل تقتضي حدوث الضلال، بعد أن لم يكن. فلذا أردف بهذه الحال، لبيان عراقتهم في الضلال، وإنما ضلالهم الحادث ظلمات بعضها فوق بعض.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 2524 ] تنبيه:

                                                                                                                                                                                                                                      حمل كثير من المفسرين (الخسران) على ما يشمل الدارين. أما الدنيا فخسروا منافع أولادهم، وثمرة ما خلقوا له. وكذا منافع أنعامهم بما ضيقوا وحجروا فيها ابتداعا. وأما الآخرة فيصيرون إلى أسوأ المنازل. وهذا التعميم -وإن كان حقا- إلا أن الأظهر حمله على الآخرة، توفيقا بين النظائر، كقوله تعالى: قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون

                                                                                                                                                                                                                                      روى الحافظ ابن مردويه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب، فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام: قد خسر الذين قتلوا أولادهم الآية. - وهكذا رواه البخاري في "مناقب قريش" من "صحيحه".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية