الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما

                                                                                                                                                                                                        5093 حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة قال ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( باب ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما ) أي مباحا ، أما الحرام فكان يعيبه ويذمه وينهى عنه ، وذهب بعضهم إلى أن العيب إن كان من جهة الخلقة كره وإن كان من جهة الصنعة لم يكره ، قال : لأن صنعة الله لا تعاب وصنعة الآدميين تعاب . قلت : والذي يظهر التعميم ، فإن فيه كسر قلب الصانع ، قال النووي : من آداب الطعام المتأكدة أن لا يعاب ، كقوله مالح حامض قليل الملح غليظ رقيق غير ناضج ونحو ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( عن أبي حازم ) هو الأشجعي وللأعمش فيه شيخ آخر أخرجه مسلم من طريق أبي معاوية عنه عن أبي يحيى مولى جعدة عن أبي هريرة ، وأخرجه أيضا من طريق أبي معاوية وجماعة عن الأعمش عن أبي حازم ، واقتصر البخاري عن أبي حازم لكونه عن شرطه دون أبي يحيى ، وأبو يحيى مولى جعدة بن هبيرة المخزومي مدني ما له عند مسلم سوى هذا الحديث ، وقد أشار أبو بكر بن أبي شيبة فيما رواه ابن ماجه عنه إلى أن أبا معاوية تفرد بقوله " عن الأعمش عن أبي يحيى " فقال لما أورده من طريقه يخالفه فيه بقوله عن أبي حازم ، وذكره [ ص: 459 ] الدارقطني فيما انتقد على مسلم ، وأجاب عياض بأنه من الأحاديث المعللة التي ذكر مسلم في خطبة كتابه أنه يوردها ويبين علتها ، كذا قال ، والتحقيق أن هذا لا علة فيه لرواية أبي معاوية الوجهين جميعا ، وإنما كان يأتي هذا لو اقتصر على أبي يحيى فيكون حينئذ شاذا ، أما بعد أن وافق الجماعة على أبي حازم فتكون زيادة محضة حفظها أبو معاوية دون بقية أصحاب الأعمش ; وهو من أحفظهم عنه فيقبل ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وإن كرهه تركه ) يعني مثل ما وقع له في الضب ، ووقع في رواية أبي يحيى " وإن لم يشتهه سكت " أي عن عيبه ، قال ابن بطال : هذا من حسن الأدب ، لأن المرء قد لا يشتهي الشيء ويشتهيه غيره ، وكل مأذون في أكله من قبل الشرع ليس فيه عيب .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية