الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم ؛ وتفسير الآية أن من المنافقين من كان يعيب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ويقول : إن بلغه عني حلفت له؛ وقبل مني؛ لأنه أذن؛ فأعلم الله (تعالى) أنه أذن خير لكم؛ أي : مستمع خير لكم؛ ثم بين ممن يقبل؛ فقال : يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ؛ أي : هو أذن خير؛ لا أذن شر؛ يسمع ما ينزله الله عليه؛ فيصدق به؛ ويصدق المؤمنين فيما يخبرونه به؛ ورحمة للذين آمنوا منكم ؛ أي : هو رحمة؛ لأنه كان سبب المؤمنين في إيمانهم؛ ومن قرأ : " أذن خير لكم " ؛ فالمعنى : فإن من يسمع منكم ويكون قريبا منكم قابلا للعذر؛ خير لكم؛ ويروى في هذه الآية أن رجلا من المنافقين قال : لو كان ما أتى به محمد حقا فنحن حمير؛ فقال له ابن امرأته : إن ما أتى به لحق؛ وإنك لشر من دابتك هذه؛ وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعض من حضره : نعتذر إليه ونحلف له؛ فإنه أذن. [ ص: 458 ] وقوله : يحلفون بالله لكم ليرضوكم ؛ قال بعض النحويين : إن هذه اللام بمعنى القسم؛ أي : يحلفون بالله لكم ليرضنكم؛ وهذا خطأ؛ لأنهم إنما حلفوا إنهم ما قالوا ما حكي عنهم ليرضوكم باليمين؛ ولم يحلفوا أنهم يرضون فيما يستقبل؛ والله ورسوله أحق أن يرضوه ؛ وقوله : إن كانوا مؤمنين ؛ أي : إن كانوا على ما يظهرون؛ فكان ينبغي ألا يعيبوا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فيكونون بتوليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وترك عيبه مؤمنين؛ ويجوز في قوله : " ورحمة " ؛ الجر على العطف على " خير " ؛ فيكون المعنى : " قل أذن خير لكم وأذن رحمة للمؤمنين " ؛ وقوله : أحق أن يرضوه ؛ ولم يقل : " يرضوهما " ؛ لأن المعنى يدل عليه؛ فحذف استخفافا؛ المعنى : " والله أحق أن يرضوه؛ ورسوله أحق أن يرضوه " ؛ كما قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والأمر مختلف



                                                                                                                                                                                                                                        المعنى : " نحن بما عندنا راضون؛ وأنت بما عندك راض " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية