الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما استقرت بهم الدار ، ونودوا بدوام الاستقرار ، أخبر - سبحانه - أنهم أقبلوا متبجحين على أهل النار شامتين بهم في إحلالهم دار البوار تلذيذا لأنفسهم بالنعيم وتكديرا على الأشقياء في قوله : ونادى أصحاب الجنة أي : بعد دخول كل من الفريقين إلى داره أصحاب النار يخبرونهم بما أسبغ عليهم من النعم ، ويقررونهم بما كانوا يتوعدونهم به من حلول النقم. ثم فسر ما وقع له النداء بقوله : أن أو هي مخففة من الثقيلة ، وذكر حرف التوقع ؛ لأنه محله فقال : قد وجدنا أي : بالعيان كما كنا واجدين له بالإيمان ما وعدنا ربنا أي : المحسن إلينا في الدارين من الثواب حقا أي : وجدنا جميع ما وعدنا ربنا لنا ولغيرنا حقا كما كنا نعتقد فهل وجدتم أي : كذلك ما وعد وأثبت المفعول الأول تلذيذا ، وحذفه هنا احتقارا للمخاطبين ، وليشمل ما للفريقين فيكون وجد بمعنى العلم وبمعنى اللقي ، وفي التعبير بالوعد دون الوعيد مع ذلك تهكم بهم ربكم أي : الذي أحسن إليكم فقابلتم إحسانه بالكفران من العقاب حقا لكونكم وجدتم ما توعدكم به ربكم حقا قالوا نعم أي : قد وجدنا ذلك [ ص: 405 ] كله حقا. قال سيبويه : نعم عدة ، أي : في جواب : أتعطيني كذا ، وتصديق في مثل قد كان كذا ، [والآية من الاحتباك : أثبت المفعول الثاني أولا دليلا على حذف مثله ثانيا ، وحذفه ثانيا دليلا على إثبات مثله أولا ، والله أعلم] .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما حبوا من النعم بما تقدم ، وكان منه الجار الحسن ، وكان العيش مع ذلك لا يهنأ إلا بإبعاد جار السوء - أخبروا ببعده وزيدوا سرورا بإهانته في قوله : فأذن أي : بسبب ما أقر به أهل النار على أنفسهم مؤذن بينهم أي : بين الفريقين أن مخففه أو مفسرة في قراءة نافع وأبي عمرو وعاصم ، وشددها الباقون ونصبوا لعنة الله أي : طرد الملك الأعظم وإبعاده على وجه الغضب على الظالمين أي : الذين كانوا مع البيان الواضح يضعون الأشياء في غير مواضعها كحال من لم ير نورا أصلا

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية