الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: وقود جهنم ، وهو قول ابن عباس.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: معناه حطب جهنم ، وقرأ علي بن أبي طالب وعائشة: حطب جهنم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنهم يرمون فيها كما يرمى بالحصباء ، حتى كأن جهنم تحصب بهم ، وهذا قول الضحاك ، ومنه قول الفرزدق :


                                                                                                                                                                                                                                        مستقبلين شمال الشام يضربنا بحاصب كنديف القطن منثور



                                                                                                                                                                                                                                        يعني الثلج ، وقرأ ابن عباس: حضب جهنم ، بالضاد معجمة. قال الكسائي: حضبت النار بالضاد المعجمة إذا أججتها فألقيت فيها ما يشعلها من الحطب. قوله عز وجل: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى فيها ثلاثة تأويلات:

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 473 ] أحدها: أنها الطاعة لله تعالى: حكاه ابن عيسى. والثاني: السعادة من الله ، وهذا قول ابن زيد. والثالث: الجنة ، وهو قول السدي. ويحتمل تأويلا رابعا: أنها التوبة. أولئك عنها مبعدون يعني عن جهنم. وفيهم ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم عيسى والعزير والملائكة الذين عبدوا من دون الله وهم كارهون ، وهذا قول مجاهد.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنهم عثمان وطلحة والزبير ، رواه النعمان بن بشير عن علي بن أبي طالب.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنها عامة في كل من سبقت له من الله الحسنى. وسبب نزول هذه الآية ما حكي أنه لما نزل قوله تعالى: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم قال المشركون: فالمسيح والعزير والملائكة قد عبدوا ، فأنزل الله تعالى: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون يعني عن جهنم ، ويكون قوله: من دون الله حصب جهنم محمولا على من عذبه ربه. قوله عز وجل: لا يحزنهم الفزع الأكبر فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الفزع الأكبر النفخة الأخيرة ، وهذا قول الحسن. والثاني: أنه ذبح الموت ، حكاه ابن عباس. والثالث: حين تطبق جهنم على أهلها ، وهذا قول ابن جريج. ويحتمل تأويلا رابعا: أنه العرض في المحشر.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية