الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            الحكم الخامس

                                                                                                                                                                                                                                            في اليتامى

                                                                                                                                                                                                                                            ( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم )

                                                                                                                                                                                                                                            في الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : أن أهل الجاهلية كانوا قد اعتادوا الانتفاع بأموال اليتامى ، وربما تزوجوا باليتيمة طمعا في مالها أو يزوجها من ابن له ؛ لئلا يخرج مالها من يده ، ثم إن الله تعالى أنزل قوله : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ) [النساء : 10] وأنزل في الآيات : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) [النساء : 3] وقوله : ( ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ) [ ص: 44 ] ( والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما ) [النساء : 127] وقوله : ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) [الأنعام : 152] فعند ذلك ترك القوم مخالطة اليتامى ، والمقاربة من أموالهم ، والقيام بأمورهم ، فعند ذلك اختلت مصالح اليتامى وساءت معيشتهم ، فثقل ذلك على الناس ، وبقوا متحيرين إن خالطوهم وتولوا أمر أموالهم ، استعدوا للوعيد الشديد ، وإن تركوا وأعرضوا عنهم ، اختلت معيشة اليتامى ، فتحير القوم عند ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم ههنا يحتمل أنهم سألوا الرسول عن هذه الواقعة ، ويحتمل أن السؤال كان في قلبهم ، وأنهم تمنوا أن يبين الله لهم كيفية الحال في هذا الباب ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، ويروى أنه لما نزلت تلك الآيات اعتزلوا أموال اليتامى ، واجتنبوا مخالطتهم في كل شيء ، حتى كان يوضع لليتيم طعام فيفضل منه شيء فيتركونه ولا يأكلونه حتى يفسد ، وكان صاحب اليتيم يفرد له منزلا وطعاما وشرابا فعظم ذلك على ضعفة المسلمين ، فقال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله ، ما لكلنا منازل تسكنها الأيتام ولا كلنا يجد طعاما وشرابا يفردهما لليتيم . فنزلت هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية