7913 - ( بخ د ت) : قيلة بنت مخرمة العنبرية .
لها صحبة ، هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، هي ورفيقها حريث بن حسان البكري ، وافد بني بكر بن وائل .
روى حديثها عبد الله بن حسان العنبري ( بخ د ت ) ، عن جدتيه صفية ، ودحيبة ابنتي عليبة ، وكانتا ربيبتي قيلة ، وكانت جدة أبيهما ، أنها أخبرتهما ، قالت : . قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم صاحبي يعني حريث بن حسان ، وافد بني بكر بن وائل فبايعه
روى لها البخاري في " الأدب " ، وأبو داود ، والترمذي .
وقد وقع لنا حديثها بطوله عاليا .
أخبرنا به أبو إسحاق ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه .
( ح ) : وأخبرنا ابن الدرجي ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني ، وداود بن محمد بن ماشاذة ، وعفيفة بنت أحمد - قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، قالت : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قالا : أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، قال : حدثنا أبو مسلم الكشي ، قال : حدثنا حفص بن عمر أبو عمر الحوضي .
( ح ) : قال الطبراني : وحدثنا معاذ بن المثنى ، وأبو خليفة [ ص: 276 ] الفضل بن الحباب ، قالا : حدثنا عبد الله بن سوار بن قدامة بن عنزة العنبري .
( ح ) : قال : وحدثنا يعقوب بن إسحاق المخرمي ، قال : حدثنا عفان بن مسلم .
( ح ) : قال : وحدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء الغداني .
( ح ) : قال : وحدثنا محمد بن هشام بن أبي الدميك المستملي ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي ، قالوا : حدثنا عبد الله بن حسان العنبري أبو الجنيد أخو بني كعب بن العنبر ، قال : حدثتني جدتاي صفية ، ودحيبة بنتا عليبة ، وكانتا ربيبتي قيلة بنت مخرمة ، وكانت جدة أبيهما أن قيلة بنت مخرمة حدثتهما
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينظر إلي ، وأنا عند ظهره : يا مسكينة عليك السكينة .
فلما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم أذهب الله ما كان دخل قلبي من الرعب ، وتقدم صاحبي أول رجل حريث بن حسان ، فبايعه على الإسلام عليه ، وعلى قومه ، ثم قال : يا رسول الله ، اكتب بيننا ، وبين تميم بالدهناء لا يجاوزها إلينا منهم إلا مسافر أو مجاوز . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اكتب له بالدهناء يا غلام . فلما أمر له بها شخص بي ، وهي ، وطني ، وداري ، فقلت : يا رسول الله ، لم يسألك السوية من الأمر إذ سألك ، إنما هذه الدهناء عنده مقيد الجمل ، ومرعى الغنم ، ونساء تميم وأبناؤها وراء ذلك . فقال : أمسك يا غلام ، صدقت المسكينة ، المسلم أخو المسلم يسعهما الماء ، والشجر ، ويتعاونان على الفتان .
فلما رأى حريث أن قد حيل دون كتابه ضرب بإحدى يديه على الأخرى ، ثم قال : كنت ، وأنت [ ص: 279 ] كما قال : حتفها تحمل ضأن بأظلافها .
فقالت : والله ما علمت إن كنت لدليلا في الظلماء بذولا لدى الرحل ، عفيفا عن الرفيقة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا تلمني على أن أسأل حظي إذ سألت حظك . قال : وما حظك في الدهناء لا أبا لك ؟ قلت : مقيد جملي تسأله لجمل امرأتك . قال : لا جرم عني أشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لك أخ ، وصاحب ما حييت ، إذ ثنيت على هذا عنده . فقلت : إذ بدأتها فلن أضيعها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيلام ابن هذه أن يفصل الخطة ، وينتصر من وراء الحجزة ؟ فبكيت ، ثم قلت : قد والله كنت ولدته يا رسول الله حزاما ، فقاتل معك يوم الربذة ، ثم ذهب يمتري من خيبر فأصابته حماها ، فمات ، وترك علي النساء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو لم تكوني مسكينة لجررناك على وجهك ، أو لجررت على ، وجهك - شك عبد الله بن حسان أي الحرفين حدثته المرأتان - أتغلب إحداكن أن تصاحب صويحبة في الدنيا معروفا فإذا حال بينه وبينه من هو أولى به منه استرجع ، ثم قال : رب أسني ما أمضيت ، وأعني على ما أبقيت ، فوالذي نفس محمد بيده إن أحدكم ليبكي ، فيستعبر إليه صويحبة ، فيا عباد الله لا تعذبوا موتاكم . ثم كتب لها في قطعة أديم أحمر : لقيلة والنسوة من بنات قيلة ألا يظلمن حقا ، ولا يكرهن على منكح ، وكل مؤمن ومسلم لهن نصير ، أحسن ، ولا يسئن .
روى البخاري بعضه عن موسى بن إسماعيل ، عن عبد الله [ ص: 280 ] بن حسان : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا القرفصاء ، فلما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق . فوقع لنا بدلا عاليا . أنها كانت تحت حبيب بن أزهر ، أخي بني جناب ، فولدت له النساء ، ثم توفي فانتزع بناتها منها أثوب بن أزهر عمهن ، فخرجت تبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام ، فبكت جويرية منهن حديباء قد كانت أخذتها الفرصة ، وهي أصغرهن عليها سبيج لها من صوف ، فرحمتها ، فاحتملتها معها ، فبينما هما ترتكان الجمل إذ انتفجت الأرنب ، فقالت الحديباء الفصية : لا ، والله لا يزال كعبك أعلى من كعب أثوب في هذا الحديث أبدا ، ثم سنح الثعلب فسمته اسما غير الثعلب - نسيه عبد الله بن حسان - ، ثم قالت ما قالت في الأرنب ، فبينما هما ترتكان إذ برك الجمل ، وأخذته رعدة ، فقالت الحديباء الفصية : أدركتك والله أخذة أثوب . فقلت : واضطررت إليها ، ويحك ما أصنع ؟ قالت : قلبي ثيابك [ ص: 277 ] ظهورها لبطونها ، وتدحرجي ظهرك لبطنك ، وقلبي أحلاس جملك . ثم خلعت سبيجها ، فقلبته ، وتدحرجت ظهرها لبطنها ، فلما فعلت ما أمرتني ، انتفض الجمل ، ثم قام ، فتفاج ، وبال ، فقالت الحديباء : أعيدي عليه أذاتك ففعلت ما أمرتني به ، فأعدتها . ثم خرجنا نرتك ، فإذا أثوب يسعى على أثرنا بالسيف صلتا ، فوألنا إلى حواء ضخم فداراه حتى ألقى الجمل إلى رواق البيت الأوسط ، جمل ذلول ، واقتحمت داخلة بالجارية ، وأدركني بالسيف فأصابت ظبته طائفة من قرون رأسي ، وقال : ألقي إلي ابنة أخي يا دفار . فرميت بها إليه فجعلها على منكبه فذهب بها ، وكنت أعلم به من أهل البيت ، ومضيت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الإسلام . فبينما أنا عندها ذات ليلة من الليالي تحسب عني نائمة جاء زوجها من السامر ، فقال : وأبيك لقد وجدت لقيلة صاحبا ، صاحب صدق . فقالت أختي : من هو ؟ قال : حريث بن حسان الشيباني غاد ، وافد بكر بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا صباح . فقالت أختي : الويل لي لا تسمع بهذا أختي فتخرج مع أخي بكر بن وائل بين سمع الأرض ، وبصرها ، ليس معها من قومها رجل . فقال : لا تذكريه لها فإني غير ذاكره لها . فسمعت ما قالا ، فغدوت فشددت على جملي ، فوجدته غير بعيد ، فسألته الصحبة فقال : نعم ، وكرامة ، وركابه مناخة عنده ، فخرجت معه صاحب صدق ، حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي بالناس صلاة الغداة ، وقد أقيمت حين شق الفجر ، والنجوم شابكة في السماء ، والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة الليل ، فصففت مع الرجال ، امرأة حديثة عهد بجاهلية ، فقال لي الرجل الذي يليني [ ص: 278 ] من الصف : امرأة عنت أم رجل ؟ فقلت : لا ، بل امرأة . فقال : إنك قد كدت تفتنيني ، فصلي في النساء ، وراءك . فإذا صف من النساء قد حدث عند الحجرات ، لم أكن رأيته حين دخلت ، فكنت فيهن حتى إذا طلعت الشمس ، دنوت ، فجعلت إذا رأيت رجلا ذا رواء ، وذا قشر طمح إليه بصري ، لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الناس ، حتى جاء رجل بعد ما ارتفعت الشمس ، فقال : السلام عليك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ورحمة الله ، وعليه أسمال مليتين ، قد كانتا بزعفران ، وقد نفضتا ، وبيده عسيب نخل مقشو غير خوصتين من أعلاه قاعدا القرفصاء . فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق ، فقال له جليسه : يا رسول الله ، أرعدت المسكينة .
وروى أبو داود بعضه عن حفص بن عمر ، وموسى بن إسماعيل ، عن عبد الله بن حسان : . قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدم صاحبي تعني حريث بن حسان وافد بني بكر بن وائل فبايعه ، فذكر الحديث إلى قوله : ويتعاونان على الفتان
وروى الترمذي بعضه عن عبد بن حميد ، عن عفان بن مسلم ، وقال في آخره : فذكر الحديث بطوله حتى جاء رجل وقد ارتفعت الشمس . وقال : لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن حسان .
شرح ما اشتمل عليه هذا الحديث من الألفاظ الغريبة ، والمعاني المشكلة : قولها : فولدت له النساء ، يعني : البنات .
والصحابة - بفتح الصاد - جمع صاحب . وقد يكون الصحابة مصدرا بمعنى الصحبة ، والموضع يحتملهما .
والحديباء : تصغير الحدباء .
والفرصة : ريح الحدب ، وهي أول تلك العلة التي يتولد الحدب منها .
[ ص: 281 ] والسبيج ، قيل : هو كساء من صوف أسود مأخوذ من السبج ، وهو خرز أسود شديد السواد . وقال ابن السكيت : هو تعريب شبي يعني القميص . فعلى هذا يجوز أن يكون أسود وغيره .
وترتكان : أي تسرعان ، ويحملان بعيرهما على الرتكان ، وهو جنس من عدو البعير ، يقال : رتك البعير : إذا عدا ذلك العدو ، وأرتكه صاحبه : حمله عليه .
وانتفجت : أي وثبت ، وخرجت .
والفصية : الفرج والتخلص ، تفاءلت بما رأت من خروج الأرنب من الضيق إلى السعة . والعرب تتطير وتتفاءل بما ترى وتسمع عند العروض إلى أمر يعرض لهم .
وقولها : لا يزال كعبك أعلى : تعني كعب الفتاة ، يكنون بذلك عن الشرف ، أي : لا تزالين أشرف منه ، وأمرك أعلى من أمره .
وقولها : سنح الثعلب . السانح : أن يقطع السبع أو الطير الطريق من يمين الرجل إلى شماله . والبارح بضد ذلك ، وقيل : على العكس فيهما . تتطير العرب بأحدهما ، وتتفاءل بالآخر على اختلاف الأقوال فيه . وفي هذا الحديث أقوى دليل على بطلان ما كانت العرب تفعله من رموز أنفسهم في التطير والتفاؤل ; لأنها تفاءلت بشيئين ، ثم كان الأمر على خلاف ما ظنته .
[ ص: 282 ] وقولها : أدركتك أخذة أثوب ، أي : أخذه . وتقليب الثياب : أرادت به التفاؤل أيضا . والتدحرج : التقلب . وهذا الفعل له أصل في الشرع ، وذلك عند الاستسقاء . كما روي أنه صلى الله عليه وسلم حول رداءه ، وجعل أعلاه أسفله تفاؤلا أيضا .
وانتفض : ارتعد .
وتفاج ، أي : باعد ما بين رجليه كما يفعله البائل حين يريد البول ، وكذلك فاج . وقد كانت العرب تصنع أشياء من رموز أنفسهم ، فيكون كما يظنون ، وقد عمل في ذلك كتب .
والصلت : المجرد .
وآلت ، أي : لجأت .
والحواء : البيوت المجتمعة ، والضخم العظيم .
وقولها : حتى ألفى الجمل إلى رواق البيت : أي أدخلته الرواق ، وهي صفة دون الصفة العليا ، واقتحمت : أي دخلت بعنف .
وظبته : أي حده .
وطائفة : أي قطعة .
وقرون الرأس : جوانبه ، والقرنان ناحيتا الرأس .
وقوله : يا دفار : مبني على الكسر ، أي يا منتنة .
[ ص: 283 ] وقولها : تحسب عني نائمة : العين في عني مبدلة من الهمزة ، وهي لغة بني تميم ، تسمى العنعنة ، يقلبون الهمزة عينا . فعلى هذا نائمة : ترفع الهاء خبر لأن . ورواه بعضهم جاهلا بهذه اللغة : تحسب عيني نائمة بنصب الهاء مفعولا ثانيا لتحسب ، والأول أحفظ وأشهر .
والسامر : لفظ الواحد والجمع فيه سواء ، وهو ها هنا الجماعة يجتمعون بالليل يتحدثون .
وقوله : وأبيك : قسم على عادتهم .
وذا صباح : أي أول النهار ، ويزيدون ذا في ألفاظ تأكيدا لها ، كما يقولون : ذات يوم وذات ليلة .
وقولها : بين سمع الأرض وبصرها : قيل فيه أقوال ، قال أبو عبيد : وجهه عندي أنها أرادت أن الرجل يخلو بها ليس معها أحد يسمع كلامها ولا يبصرها دون الأشياء والناس . وقال بعضهم : أي بين طولها وعرضها .
وقولها : وركابه مناخة عنده : أي جماله .
وقولها : حين شق الفجر : بفتح الشين وضم الراء ، أي : ظهر وطلع ، كأنها تعني شق الفجر الظلام .
والنجوم شابكة : أي مشتبكة ، تعني من كثرتها كأنها متصلة بعضها ببعض .
وتعارف : أي يتعارفون .
وقولها : ذا رواء : أي منظر وهيئة .
وذا قشر : أي ذا لباس حسن .
[ ص: 284 ] وطمح : أي امتد وعلا ، ظنت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتميز من أصحابه بهيئة أو لباس أو مجلس .
والقرفصاء : جلسة المحتبي ، إلا أنه يحتبي بيديه دون الثوب ، وذلك أن يضم رجليه إلى بطنه ، ثم يشبك إحدى يديه في الأخرى ، ويجعلهما على ساقيه .
والأسمال : الأخلاق .
ومليتين : تصغير ملاءتين . وإنما جمعت الأسمال مع تثنية الملاءتين أرادت أنهما كانتا قد تقطعتا حتى صارتا قطعا ، فلهذا جمعتهما .
وقولها : كانت بزعفران : أي مخضوبتين به .
ونفضتا : أي ذهب لونه منهما إلا اليسير لطول لبسهما واستعمالهما كما يقال في اليد والشعر : نصل الخضاب .
والعسيب : تصغير العسيب ، وهو القضيب من النخلة .
والمقشو : المقشور غير خوصتين ، وفي رواية : خويصتين على التصغير . والخوص : ورق المقل وغيره ، وتريد به ها هنا القطعتين من القشر .
والمتخشع : المتواضع . كأنها حين ظنت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعرف بلباسه أو مجلسه ، ثم رأته غير متميز من أصحابه - زادت هيبته عندها ، فأرعدت .
[ ص: 285 ] وقوله : عليك السكينة ، إغراء ، أي : الزميها واسكني ، لا بأس عليك .
وقولها : عليه وعلى قومه ، أي : بايعه على الإسلام لأجله ولأجل قومه نيابة عنهم .
وقولها : اكتب بيننا وبين تميم بالدهناء : أي : أقطعنا إياه ، واجعله لنا خاصة دونهم ، وهي أرض لينة ذات رمل كثير ونبات .
وقولها شخص بي : أي دهشت وتحيرت ، وقال ابن عائشة : أي ارتفع بصري صعدا من إكبار ما سمعت وإعظامه .
والسوية : العدل ، والإنصاف .
وقولها : عنده مقيد الجمل : أي حيث يقيد فيه حتى يسمن لخصب الموضع ، فلا يحتاج إلى التطواف في الرعي .
وقوله : يسعهم الماء والشجر : أي هم شركاء فيهما ، لكل منهما حظه .
والفتان : شياطين الإنس والجن الذين يظلمون الناس ويفتنونهم ، ويروى بفتح الفاعل لفظ الواحد مبالغة للفاءين .
وقولها : حيل دون كتابه : أي : فاته ما كان يريد أن يكتب له .
وقوله : " حتفها تحمل ضأن بأظلافها " : مثل قديم سائر في [ ص: 286 ] العرب . أصله أن شاة بحثت بأظلافها عن الأرض ، فظهرت مدية ، فذبحت بها . فيضرب لكل من عمل عملا أضر بنفسه .
وقولها : لدى الرحل : أي عند المنزل .
وقوله : لا جرم عني ، وفي رواية أني على لغتهم .
وقولها : إذ بدأتها فلن أضيعها : أي حين أحسنت إلي هذا الإحسان ابتداء لا أزال أشكرك به .
وقولها : أيلام ابن هذه ، وفي رواية ابن ذه - أن يفصل الخطة أي الحال والخطب ، أي من يكون ولد مثل هذه المرأة في العقل يكون بحيث يفصل الأمور وينظر في عواقبها ، أي إذا كانت الأم عاقلة لا تنكر ولا يلام ابنها أن يكون عاقلا مثلها .
والحجزة : الذين يمنعون بعض الناس من بعض ، ويفصلون بينهم بالحق . جمع : حاجز .
قال صاحب " الغريبين " : أراد بابن ذه : الإنسان يقول إذا أصابه خطة ضيم ، فاحتج عن نفسه ، وطلب النصف ، وعبر بلسانه ما يدفع به الظلم عن نفسه - لم يكن ملوما ، فكأنه حين لامها الرجل على ما دفعت عن نفسها اعتذر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه لا لوم عليها فيما فعلت .
وقال أبو عبيد : يعني أنه إذا نزل به أمر ملتبس مشكل لا يهتدى إليه يفصله حتى يبرمه ويخرج منه . وصفه بجودة الرأي أي [ ص: 287 ] أن هذا إن ظلم بظلامة ، فإن عنده من المنعة والعز ما ينتصر به من ظالمه حتى يستوفي حقه ، وإن كان لظالمه من يمنعه من هذا ويحجزه عنه .
وقولها : كنت ولدته حزاما ، فالهاء في " ولدته " ضمير ابن هذه ، حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد مثلها من النساء ، تذكرت ولدها حزاما .
وقولها : يمتري من خيبر : أي يأتيني بالميرة منها ، وهي الطعام . وحين تذكرت ولدها غلبها البكاء .
وقوله : صويحبة - يريد من كان معه من ولد أو زوج أو غيرهما .
وقوله : من هو أولى به - يعني : الله تبارك وتعالى . أي على الرجل والمرأة مصاحبة صاحبه ما عاشا بالمعروف ، فإذا قبض الله سبحانه وتعالى أحدهما استرجع ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون . وعلم أنه أولى بخلقه من غيره ، يعني : فإن يذكر ذلك ، وغلبه الجزع - استعان بالدعاء على ذلك .
وهذه الكلمة تروى على وجوه : في رواية بعضهم : " أنسني ما أمضيت " من النسيان . وفي رواية : " أسني " أي عوضني مما أمضيت ، فيكون فيه حذف ، والأوس العوض . وروي : " آسني وأسني " أي : عزني وصبرني على ما أمضيت فيكون فيه اختصار أيضا .
وقوله : وأعني على ما أبقيت . وفي رواية : وأغثني بما أبقيت - قيل : هو إنكار من النبي صلى الله عليه وسلم لجزعها على ميت بعد طول عهد ; لأن الباكي يهيج غيره على البكاء . أي على الرجل إذا غلبه الجزع أن يدعو الله أن ينسيه ما فاته حتى لا يجزع بعد وفاته ، ويستعين [ ص: 288 ] به فيما أبقى عليه على ما أخذ منه ، ولا يبكي كل وقت فيبكي غيره ، ويؤذيه بالحزن .
وقولها : أحسن - يعني : إذا أحسن ، ولم يسئن ، والله أعلم .