الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      محمد بن مسلمة ( ع )

                                                                                      ابن سلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة . أبو عبد الله - وقيل : أبو عبد الرحمن ، وأبو سعيد- الأنصاري الأوسي . من نجباء الصحابة شهد بدرا والمشاهد .

                                                                                      وقيل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم- استخلفه مرة على المدينة . وكان - رضي الله عنه- ممن اعتزل الفتنة . ولا حضر الجمل ، ولا صفين ; بل اتخذ سيفا من خشب ، وتحول إلى الربذة ، فأقام بها مديدة . [ ص: 370 ]

                                                                                      روى جماعة أحاديث .

                                                                                      روى عنه : المسور بن مخرمة ، وسهل بن أبي حثمة ، وقبيصة بن ذؤيب ، وعبد الرحمن الأعرج ، وعروة بن الزبير ، وأبو بردة بن أبي موسى ، وابنه محمود بن محمد .

                                                                                      وهو حارثي ، من حلفاء بني عبد الأشهل .

                                                                                      وكان رجلا طوالا أسمر معتدلا أصلع وقورا .

                                                                                      قد استعمله عمر على زكاة جهينة . وقد كان عمر إذا شكي إليه عامل ، نفذ محمدا إليهم ليكشف أمره .

                                                                                      خلف من الولد عشرة بنين ; وست بنات ، رضي الله عنه .

                                                                                      وقيل : اسم جده خالد بن عدي بن مجدعة .

                                                                                      وقدم للجابية ، فكان على مقدمة جيش عمر .

                                                                                      عباد بن موسى السعدي : حدثنا يونس ، عن الحسن ، عن محمد بن مسلمة ، قال : مررت ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على الصفا ، واضعا يده على يد رجل ، فذهبت . فقال : ما منعك أن تسلم ؟ قلت : يا رسول الله ، فعلت بهذا الرجل شيئا ما فعلته بأحد ، فكرهت أن أقطع عليك حديثك ، من كان يا رسول الله ؟ قال : جبريل ، وقال لي : هذا محمد بن مسلمة لم يسلم ، أما إنه لو سلم رددنا عليه السلام . قلت : فما قال لك يا رسول الله ؟ قال : ما زال يوصيني بالجار ، حتى ظننت أنه يأمرني فأورثه . [ ص: 371 ]

                                                                                      قال ابن سعد : أسلم محمد بن مسلمة على يد مصعب بن عمير ، قبل إسلام سعد بن معاذ . قال : وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي عبيدة ، واستخلفه على المدينة عام تبوك .

                                                                                      حماد بن سلمة ، عن ابن جدعان ، عن أبي بردة ، قال : مررنا بالربذة ، فإذا فسطاط محمد بن مسلمة ، فقلت : لو خرجت إلى الناس ، فأمرت ونهيت ؟ فقال : قال لي النبي ، صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، ستكون فرقة وفتنة واختلاف ، فاكسر سيفك ، واقطع وترك ، واجلس في بيتك ففعلت ما أمرني .

                                                                                      شعبة ، عن أشعث ، عن أبي بردة ، عن ضبيعة قال حذيفة : إني لأعرف رجلا لا تضره الفتنة . قال : فإذا فسطاط لما أتينا المدينة ، وإذا محمد بن مسلمة .

                                                                                      قال ابن يونس : شهد محمد فتح مصر ، وكان فيمن طلع الحصن مع الزبير . قال عباية بن رفاعة : كان محمد بن مسلمة أسود طويلا عظيما . [ ص: 372 ]

                                                                                      وفي " الصحاح " ، من حديث جابر : مقتل كعب بن الأشرف على يد محمد بن مسلمة .

                                                                                      ابن المبارك : أخبرنا ابن عيينة ، عن موسى بن أبي عيسى ، قال : أتى عمر مشربة بني حارثة ، فوجد محمد بن مسلمة ، فقال : يا محمد ، كيف تراني ؟ قال : أراك كما أحب ، وكما يحب من يحب لك الخير ، قويا على جمع المال ، عفيفا عنه ، عدلا في قسمه ، ولو ملت عدلناك كما يعدل السهم في الثقاف . قال : الحمد لله ، الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني .

                                                                                      ابن عيينة ، عن عمرو بن سعيد ، عن أبيه ، عن عباية بن رفاعة ، قال : بلغ عمر أن سعدا اتخذ قصرا ، وقال : انقطع الصويت . فأرسل عمر محمد بن مسلمة - وكان عمر إذا أحب أن يؤتى بالأمر كما يريد بعثه - فأتى الكوفة ، فقدح ، وأحرق الباب على سعد . فجاء سعدا ، فقال : إنه بلغ عمر أنك قلت : انقطع الصويت . فحلف أنه لم يقله .

                                                                                      هشام ، عن ابن سيرين ، عن حذيفة ، قال : ما من أحد إلا وأنا أخاف عليه الفتنة إلا ما كان من محمد بن مسلمة ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : لا تضره الفتنة . [ ص: 373 ]

                                                                                      الفسوي في " تاريخه " : حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن موسى بن وردان ، عن أبيه ، عن جابر ، قال : قدم معاوية ومعه أهل الشام ، فبلغ رجلا شقيا من أهل الأردن صنيع محمد بن مسلمة - جلوسه عن علي ومعاوية - فاقتحم عليه المنزل ، فقتله . فأرسل معاوية إلى كعب بن مالك : ما تقول في محمد بن مسلمة ؟ .

                                                                                      قال يحيى بن بكير ، وإبراهيم بن المنذر ، وابن نمير ، وشباب ، وجماعة : مات محمد بن مسلمة في صفر سنة ثلاث وأربعين .

                                                                                      يزيد بن هارون : أخبرنا هشام ، عن الحسن : أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أعطى محمد بن مسلمة سيفا ، فقال : قاتل به المشركين ; فإذا رأيت المسلمين قد أقبل بعضهم على بعض ، فاضرب به أحدا حتى تقطعه ، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة ، أو منية قاضية .

                                                                                      وروي نحوه من مراسيل زيد بن أسلم .

                                                                                      عاش ابن مسلمة سبعا وسبعين سنة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية