الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الطلاعي

                                                                                      الشيخ الإمام ، العلامة القدوة ، مفتي الأندلس ومحدثها أبو عبد الله محمد بن الفرج القرطبي المالكي ، مولى محمد بن يحيى بن الطلاع .

                                                                                      ولد سنة أربع وأربعمائة .

                                                                                      قال ابن بشكوال : هو بقية الشيوخ الأكابر في وقته ، وزعيم المفتين بحضرته .

                                                                                      حدث عن يونس بن عبد الله القاضي ، ومكي بن أبي طالب ، وأبي عبد الله بن عابد ، وحاتم بن محمد ، وأبي عمرو المرشاني ، ومعاوية بن محمد العقيلي ، وأبي عمر بن القطان .

                                                                                      وكان فقيها ، حافظا للفقه ، حاذقا بالفتوى ، مقدما في الشورى ، وفي [ ص: 200 ] علل الشروط ، مشاركا في أشياء من العلم حسنة ، مع دين ، وخير ، وفضل ، وطول صلاة ، قوالا للحق وإن أوذي ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، معظما عند الخاصة والعامة ، يعرفون له حقه ، ولي الصلاة بقرطبة ، وكان مجودا لكتاب الله ، أفتى وحدث وعمر ، وصارت الرحلة إليه ، ألف كتابا في أحكام النبي صلى الله عليه وسلم قرأته على أبي عنه .

                                                                                      وقال القاضي عياض : كان صالحا ، قوالا للحق ، شديدا على المبتدعة ، شوور عند موت ابن القطان إلى أن دخل المرابطون ، فأسقطوه من الفتيا لتعصبه عليهم .

                                                                                      سمع منه عالم كثير ، ورحلوا إليه لسماع " الموطأ " ، ولسماع " المدونة " لعلوه في ذلك ، ول " سنن النسائي " وكان أسند من بقي صحيحا فاضلا ، عنده بله بأمر دنياه وغفلة ، ويؤثر عنه في ذلك طرائف ، وكان شديدا على أهل البدع ، مجانبا لمن يخوض في غير الحديث .

                                                                                      ونقل اليسع بن حزم عن أبيه قال : كنا مع ابن الطلاع في بستانه ، فإذا بالمعتمد بن عباد مجتاز من قصره ، فرأى ابن الطلاع ، فنزل عن مركوبه ، وسأل دعاءه ، وتضرع ، وتذمم ، ونذر ، وتبرع ، فقال له الشيخ : يا [ ص: 201 ] محمد ، انتبه من غفلتك وسنتك .

                                                                                      قلت : روى عنه عدد كثير ، منهم أبو جعفر البطروجي ، ومحمد بن عبد الخالق الخزرجي ، ومحمد بن عبد الله بن خليل القيسي ، نزيل مراكش الذي بقي إلى سنة سبعين وخمسمائة ، وعلي بن حنين ، بينه وبين مالك في الموطأ أربعة أنفس ، وبينه وبين النسائي في " سننه الكبير " اثنان .

                                                                                      مات في رجب سنة سبع وتسعين وأربعمائة أرخه ابن بشكوال .

                                                                                      [ ص: 202 ] وقال : شهده جمع عظيم .

                                                                                      كتب إلي بالموطأ ابن هارون من تونس ، أخبرنا ابن بقي ، أخبرنا محمد بن عبد الخالق ، أخبرنا محمد بن الفرج ، أخبرنا يونس بن عبد الله ، أخبرنا أبو عيسى ، أخبرنا عبيد الله بن يحيى بن يحيى ، أخبرنا أبي ، عن مالك .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية