الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 198 ] قيس بن أبي حازم ( ع )

                                                                                      العالم الثقة الحافظ ، أبو عبد الله البجلي الأحمسي الكوفي , واسم أبيه حصين بن عوف ، وقيل : عوف بن عبد الحارث بن عوف بن حشيش بن هلال ، وفي نسبه اختلاف ، وبجيلة هم بنو أنمار .

                                                                                      أسلم وأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليبايعه ، فقبض نبي الله وقيس في الطريق ، ولأبيه أبي حازم صحبة . وقيل : إن لقيس صحبة ، ولم يثبت ذلك . وكان من علماء زمانه .

                                                                                      روى عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعمار ، وابن مسعود ، وخالد ، والزبير ، وخباب ، وحذيفة ، ومعاذ ، وطلحة ، وسعد ، وسعيد بن زيد ، وعائشة ، وأبي موسى ، وعمرو ، ومعاوية ، والمغيرة ، وبلال ، وجرير ، وعدي بن عميرة ، وعقبة بن عامر ، وأبي مسعود عقبة بن عمرو ، وخلق .

                                                                                      [ ص: 199 ] وعنه : أبو إسحاق السبيعي ، والمغيرة بن شبيل وبيان بن بشر ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وسليمان الأعمش ، ومجالد بن سعيد ، وعمر بن أبي زائدة ، والحكم بن عتيبة ، وأبو حريز عبد الله بن حسين قاضي سجستان -إن صح- وعيسى بن المسيب البجلي ، والمسيب بن رافع ، وآخرون .

                                                                                      قال علي بن المديني : روى عن بلال ولم يلقه ، ولم يسمع من أبي الدرداء ، ولا سلمان .

                                                                                      وقال سفيان بن عيينة : ما كان بالكوفة أحد أروى عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قيس بن أبي حازم .

                                                                                      وقال أبو داود : أجود التابعين إسنادا قيس . وقد روى عن تسعة من العشرة ; ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف .

                                                                                      وقال يعقوب بن شيبة : أدرك قيس أبا بكر الصديق ، وهو رجل كامل إلى أن قال : وهو متقن الرواية ، وقد تكلم أصحابنا فيه ، فمنهم من رفع قدره وعظمه ، وجعل الحديث عنه من أصح الأسانيد .

                                                                                      ومنهم من حمل عليه وقال : له أحاديث مناكير . والذين أطروه حملوا عنه هذه الأحاديث على أنها عندهم غير مناكير ، وقالوا : هي غرائب .

                                                                                      ومنهم من لم يحمل عليه في شيء من الحديث ، وحمل عليه في مذهبه ، وقالوا : كان يحمل على علي . والمشهور أنه كان يقدم عثمان . ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه .

                                                                                      [ ص: 200 ] ومنهم من قال : إنه مع شهرته لم يرو عنه كبير أحد وليس الأمر عندنا كما قال هؤلاء . وأرواهم عنه : إسماعيل بن أبي خالد ، وكان ثقة ثبتا وبيان بن بشر ، وكان ثقة ثبتا - وذكر جماعة .

                                                                                      وقال عبد الرحمن بن خراش : هو كوفي جليل ، ليس في التابعين أحد روى عن العشرة إلا قيس بن أبي حازم .

                                                                                      وروى معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال : قيس بن أبي حازم أوثق من الزهري ، ومن السائب بن يزيد .

                                                                                      وروى أحمد بن أبي خيثمة ، عن ابن معين : ثقة . وكذا وثقه غير واحد .

                                                                                      وروى علي بن المديني أن يحيى بن سعيد قال له : قيس بن أبي حازم منكر الحديث ، قال : ثم ذكر له يحيى أحاديث مناكير ، منها حديث كلاب الحوأب .

                                                                                      وقال أبو سعيد الأشج : سمعت أبا خالد الأحمر يقول لابن نمير : يا أبا هشام أما تذكر إسماعيل بن أبي خالد وهو يقول : حدثنا قيس بن أبي حازم ، [ ص: 201 ] هذه الأسطوانة - يعني أنه في الثقة مثل هذه الأسطوانة .

                                                                                      وقال يحيى بن أبي غنية : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، قال : كبر قيس حتى جاز المائة بسنين كثيرة حتى خرف ، وذهب عقله ، قال : فاشتروا له جارية سوداء أعجمية ، قال : وجعل في عنقها قلائد من عهن وودع وأجراس من نحاس ، فجعلت معه في منزله ، وأغلق عليه باب . قال : وكنا نطلع إليه من وراء الباب وهو معها ، قال : فيأخذ تلك القلائد بيده فيحركها ، ويعجب منها ، ويضحك في وجهها . رواها يحيى بن سليمان الجعفي عن يحيى .

                                                                                      روى أحمد بن زهير ، عن ابن معين ، قال : مات سنة سبع أو ثمان وتسعين .

                                                                                      وقال خليفة وأبو عبيد : مات سنة ثمان وتسعين .

                                                                                      وقال الهيثم بن عدي : مات في آخر خلافة سليمان بن عبد الملك وشذ الفلاس فقال : مات سنة أربع وثمانين .

                                                                                      ولا عبرة بما رواه حفص بن سلم السمرقندي -فقد اتهم- عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس قال : دخلت المسجد مع أبي ، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب وأنا ابن سبع أو ثمان سنين . فهذا لو صح ، لكان قيس هذا هو قيس بن عائذ صحابي صغير ; فإن قيس بن أبي حازم قال : أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبايعه فجئت وقد قبض . رواه السري بن إسماعيل عنه .

                                                                                      وقيل : كان قيس في جيش خالد بن الوليد ، إذ قدم الشام على برية السماوة [ ص: 202 ] وروى الحكم بن عتيبة عن قيس قال : أمنا خالد باليرموك في ثوب واحد .

                                                                                      وروى مجالد عن قيس قال : دخلت على أبي بكر في مرضه وأسماء بنت عميس تروحه ، فكأني أنظر إلى وشم في ذراعها ، فقال لأبي : يا أبا حازم قد أجزت لك فرسك .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية