الشيخ صفوت الشوادفي والطريق إلى الجنة
01/01/2002| إسلام ويب
كان عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - يقول لوزيره رجاء بن حيوة : إن لي نفساً تواقة ، تاقت إلى فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها ، وتاقت إلى الإمارة فوليتها ( وكان والياً على المدينة ) وتاقت إلى الخلافة فوليتها ( وكان أميراً للمؤمنين ) والآن تتوق إلى الجنة " والمسلمون في كل الأعصار يدعون له بالجنة ، وقد بدا لي من جلستين اثنتين جلستهما مع الأخ الشيخ صفوت الشوادفي - رحمه الله - أن له نفساً تشبه نفس عمر ، تتوق إلى الإصلاح والتصحيح ، وتتفانى في الدعوة إلى الله عز وجل - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً - وتجعل الجنة مطمحاً عالياً غالياً تكدح إليها كدحاً ، نسأل الله تعالى أن يكتبها له لقاء جهده وإخلاصه ودعوته ، وأن يحشره مع من يحب .
والشيخ صفوت الشوادفي - الذي ولد في عام 1955م - ترك آثاراً غير منكورة في الدعوة إلى الله عز وجل ، تحكي بقاءها السطور التالية : -
- أثناء دراسته قاد الدعوة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - التي تخرج منها عام 1978م - وشكل أسرة كانت تنظم المحاضرات بالجامعة والدروس الدعوية .
- أقام في مدينة بلبيس ، وكان رئيساً لفرع جماعة أنصار السنة المحمدية بها ، وترك بصمة دعوية توحيدية كبيرة بها ، يعلمها الذين عاصروها في هذه البلدة .
- انتقل إلى مدينة العاشر من رمضان بالقاهرة ، فأنشأ فرعاً للجماعة بها ، وكان له شهود دعويّ رائع ، ونشاط كبير فيها .
- ولي إدارة الدعوة وعضوية مجلس إدارة أنصار السنة عام 1991م ورئاسة تحرير مجلة التوحيد التي تصدر عنها ، والذي يقرأ المجلة الآن يلمس الفارق الكبير بعد تطويرها عن ذي قبل ، ويلمس أيضاً وعي الشيخ الشوادفي بدور الإعلام الكبير والخطير في هذا العصر .
- حرص على إقامة علاقات طيبة مع الأزهر - خاصة مع شيخه الإمام جاد الحق رحمه الله - ومع علماء الأمة من أمثال الشيخ ابن باز وابن عثيمين اللذين تلقى عليهما كثيراً من العلوم .
- اختير نائباً لرئيس جماعة أنصار السنة ، وحبه للجماعة وشيوخها السابقين واللاحقين كبير .
- استمر في الكتابة لمجلة التوحيد ، وفي الإشراف على طباعة كثير من الكتب التي كانت تطبعها دار النشر التي أقامها في بلبيس - دار التقوى - والأخرى التي أقامها في مدينة العاشر من رمضان بالقاهرة - دار نور القرآن - إلى أن توفي رحمه الله تعالى إثر حادث أليم بعد عودته من عمرة إلى البيت الحرام في 17 من جمادى الأولى 1421هـ الموافق 17/8/2000م .
- من المطبوعات التي أشرفت عليها دار النشر الخاصة به ، مجموعة فتاوى ابن تيمية رحمه الله ، وموسوعة الشيعة للدكتور علي السالوس ، ومختارت من فتاوى دار الإفتاء المصرية في مائة عام ، وفتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية وغيرها .
تلك بعض آثاره - رحمه الله - ولكنها قد لا تنبئ عن عظيمٍ وراءها ، ولذا لا بد أن نقف عند بعض كتاباته وكلماته لتخبرنا عن هذا الفاضل الذي رحل ، يقول عن جماعة أنصار السنة التي كان نائباً عنها ورئيساً لدعوتها : -
نحن أنصار السنة المحمدية لا نكفّر أحداً من أهل القبلة بذنب فعله - ما لم يكن مشركاً - ولا نخرج على الحاكم المسلم - وإن ظلم - ولا نشهد لأحد بالجنة ولا على أحد بالنار إلا من شهدت النصوص له أو عليه ، ولا ننكر حديثاً صحيحاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخلاصة منهجنا الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة .
وله رأي في واقع المسلمين يقول :
الجهاد فريضة إسلامية شرعت لإعلاء كلمة الله ونصر الحق ، وصدّ الباطل ، وردّ العدوان ، وأعداء الإسلام - وعلى رأسهم اليهود - لا يذعنون إلا للسيف ، ولا يردعهم إلا جيوش المجاهدين ، ولا ترهبهم إلا قوة السلاح ، و الجهاد هو السبيل الوحيدة لإعادة الحرم المغصوب (القدس) والوطن المسلوب .
ويتكلم عن الموت قبل أن يموت - وكأنه واحد من الأموات - فيقول : -
الله هو خالق الحياة وخالق الموت لحكمة بالغة أرادها وغاية خطيرة قدرها ، هو الذي خلق الموت والحياة ( ليبلوكم أيكم أحسن عملاً )وقسم الله الحياة إلى ثلاث مراحل : حياة دنيوية ، وحياة برزخية ، وحياة أخروية ، فأما الحياة الدنيا فهي مسبوقة بالعدم وتنتهي بالبعث ، والحياة الأخروية تبدأ بالبعث ولا نهاية لها ، إنها آيات للموقنين تحتاج من كل مؤمن أن يقف أمامها متدبراً متفكراً ليزداد إيماناً ويقيناً وتسليماً .
تلك كانت بعض كلمات الشيخ الشوادفي أبانت عن منهجه في الحياة الدنيا ، وعن معتقده في الآخرة . وإننا لنرى من كلمات الفاضلين عنه مصداق ما قال ، فهذا رئيس أنصار السنة ورفيق دربه في الدعوة إلى الله عز وجل الشيخ صفوت نور الدين يقول عنه : - إن الخطب جلل ، والمصاب عظيم ، والمفاجأة قاسية ، فإن القلب يحزن ، والعين تدمع ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا لفراق أخينا صفوت الشوادفي لمحزونون .
ويقول الشيخ محمد حسان : -
فقدت مصر ، بل الأمة الإسلامية ، وما أكثر ما فقدت في هذه الأيام ، عالماً نحريراً وحبراً نجيداً وفقيهاً أريباً ، لقد فقدت الدعوة إلى الله تعالى فارساً نبيلاً من فرسانها ، لقد فقدت داعية واسع العلم والفكر والفهم والأفق .
ويقول الشيخ مصطفى العدوي : -
كم سررت - ولله الحمد - وأنا أرى رؤوس الخير قد اجتمعوا لتشييع جنازته ، وأفاضل القوم قد التأموا وتلاحموا ، كم شعرت بروح الأخوة والمودة من اجتماع إخواني ، وقد رقت قلوبهم وذرفت عيونهم الدمع على أخ لهم في الله قد قبضه الله .
ويقول الدكتور محمد إسماعيل المقدم : -
لقد هز قلوبنا خبر وفاة الداعية السلفي الجليل فضيلة الشيخ صفوت الشوادفي رحمه الله تعالى كيف لا وقد حدثت بموته ثلمة ، وفتحت ثغرة ، وحرمت ساحة الدعوة إلى التوحيد والسنة من فارس طالما صال وجال داعياً إلى الله عز وجل على بصيرة .
وهذا شاعر أنصار السنة يرثيه ، يقول الدكتور الوصيف على حزة : -
يا فارس القول بات القول عرياناً يبكي على أمـة الإسـلام حيرانـا
لله درك كم دبجّـت من حكـم هدمت فيها صـروح الشرك إيذانا
رحم الله الشيخ الفاضل ، والأخ الجليل صفوت الشوادفي وتقبله في الصالحين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه ومصطفاه محمد بن عبد الله ، وعلى آله ومن والاه .
www.islamweb.net