ثبات الجسم يتناسب تناسبا طرديا مع سعة القاعدة التي يرتكز بها علي الأرض، فكلما اتسعت القاعدة كان الجسم أكثر ثباتا، فالإنسان ليس سوى عمود متحرك، ولبس المرأة للكعب العالي هو قلب للقاعدة حيث تضطر للميل للأمام مما يجعلها تمشي بأطراف أصابعها وباطن قدميها، ومع الاستعمال المتكرر للأحذية الضيقة والكعوب العالية، يجب أن تعرفي سيدتي بأنك في خطر الإصابة بالعديد من المشاكل الصحية على المدى البعيد إذا لم تقومي اليوم بتغير عاداتك في شراء الأحذية ومنح قدمك الفرصة لترتاح من الضغط المستمر.
الخلفية التاريخية
تعود قصة ابتكار الكعب العالي إلى القرن السادس عشر، حيث كان من عادة أهل البندقية أن يقيموا كل عام مهرجاناً كبيراً تتبارى فيه النساء في التبرج والزينة، فيرتدين أفخر الثياب التي كانت تستورد من بلاد نائية خصيصاً لهذا المهرجان.
حدث في إحدى السنين أن غرقت جميع السفن التي كانت تحمل السلع المستوردة إلى البندقية، عدا سفينة واحدة ينتمي ربانها إلى عائلة (فسبوتشي) الأرستقراطية، وكانت المنافسة على أشدها بين نساء هذه العائلة ونساء عائلة أرستقراطية أخرى هي عائلة (بوتاني).
استولى الحزن على نساء عائلة (بوتاني) ، لقصر توزيع السلع النادرة المستوردة على منافساتهن، ولكنهن لم يستسلمن لليأس، فعقدن مجلساً وبحثن عن الوسائل التي تعوضهن عن تلك الخسارة، وجاءت ليلة المهرجان وظهرت نساء عائلة (فسبوتشي) وهن فرحات فخورات بما استأثرن به من تلك الواردات وما ارتدينه من ملابس فاخرة دون غيرهن، ولكنهن فوجئن بظهور نساء الأسرة الأخرى بقامات أطول من المعتاد، لفتت إليهن الأنظار واكتسبن فوزاً باهراً في المهرجان.
وكان سر هذا الفوز أنهن استعملن لأول مرة في التاريخ أحذية عالية الكعوب، بأن ثبتن تحت كعوبها طبقات من الفلين.. ومنذ ذلك الحين انتشر الكعب العالي بين الفتيات الإيطاليات، ثم اقتبست عنهن بقية النساء في مختلف البلاد، وأخذ على مر العصور أشكالاً وتصاميم عديدة وقياسات مختلفة.
الأطباء يحذرون
لم تبال الكثيرات بتحذيرات الأطباء من خطورة الكعب العالي، لكونه يوزع ثقل الجسم بطريقة غير متوازنة فيزيد الضغط على القدم، ويسبب آلام الظهر، وكذلك تحذيرهم من الحذاء ذي القدم المدببة من الأمام، لكونه يصيب الإصبع الكبير بأورام، بل إن دراسة سويدية حديثة ذهبت إلى أبعد من ذلك، واتهمت الكعب العالي بأن له علاقة بالفصام العقلي المعروف بـ «الشيزوفرينيا» لما يسببه من توتر شديد في القدم يمنع المستقبلات العصبية في عضلات القدم من إطلاق مركب «الدوبامين» الذي يحافظ علي سلامة العقل.
ورغم ما يحققه الكعب العالي من إشباع جمالي للمرأة إلا أن مساوئه أكثر من مميزاته ، حيث يتسبب في العديد من الأمراض والمشاكل الصحية للسيدات من أهمها: دوالي الساقين إلى جانب التقلصات الرحمية المبكرة للحامل، والإجهاض المبكر للحمل، واحتقان الحوض، علاوة على تشوهات القدمين و" الكالو" ، بالإضافة إلى تأثيره الكبير على العمود الفقري، وانحناءاته للأمام، أما أخطر وأهم ما ذكرته الدراسات الطبية هو العلاقة القوية بين ارتداء الكعب العالي وبروز الكرش، فعند لبس حذاء كعبه أطول من 5 سم، يتركز وزن الجسم كله على مقدمة القدم، ويبقى الجسم مشدوداً إلى الوراء للحفاظ على التوازن، وبالتالي تصبح زاوية الحرقفة 45 درجة، وبهذا تبرز البطن للأمام.
ولا ينتهي الأمر عند ذلك بل وجد أن هذه الأحذية ذات الكعب العالي تساعد على كبر حجم الأرداف والأفخاذ وسمنة الأرجل.. كل هذا دفع أطباء التخسيس والرشاقة إلى النصيحة بعدم ارتدائه مطلقا.
وأشارت دراسة طبية حديثة إلى وجود علاقة بين الكعب العالي والتهابات العظام والمفاصل، حيث تسبب الأحذية ذات الكعوب العريضة المرتفعة ضغطاً إضافياً على القدم نسبته 30 % عما لو سارت السيدة بدون حذاء. ويؤدى ازدياد هذا الضغط إلى أن تعمل العضلة الرباعية للفخذ بصعوبة أكثر، وهو ما يعزز الضغط على غطاء الركبة، وأكثر أجزاء الركبة تضرراً هي تلك الأجزاء التي تبدأ في التآكل مع تطور المرض.
كما أطلق الأطباء تحذيرا جديدا للنساء من مخاطر ارتداء أحذية عالية الكعب. وقالوا إن ذلك يزيد من مخاطر تكسر العظام وآلام الكاحل. ويقول " روبرت إيفانز " وهو طبيب يتولى الحوادث والحالات الطارئة في مستشفى جامعة ويلز البريطانية: إن مثل تلك الإصابات قد تؤدي لمشاكل صحية طويلة الأمد. وتتفاوت إصابة هؤلاء بين تكسر العظام إلى التواء الكاحل، ووصلت إلى حد الخلع في بعض الحالات، بل وسببت إعاقة دائمة في البعض الآخر.
ووجد الباحثون أن السيدات بسبب ارتداء الكعوب العالية فقدن توازنهن بنحو 12 % وتعرضن لخطر السقوط أكثر من تسع مرات، كما أن وزن الجسم يكون مرتكزاً على مقدمة القدم الذي تظهر فيه معظم التشوهات. ولاحظ العلماء بعد إجراء فحوص التوازن على السيدات أن مستخدمات الكعب العالي تعرضن للسقوط بنحو 27 % عند المشي على سطوح غير ملساء أثناء الليل.
وأخيرا حذر خبير بريطاني من أن محاولات بعض السيدات الظهور وكأنهن فارعات الطول، قد تؤدي إلى خسارتهن لحياتهن كأمهات. مؤكدا أن خصوبة المرأة مهددة بسبب استخدام أحذية بكعب عال. كما أنه يؤثر على الأعضاء الداخلية للمرأة، ويتسبب بعدم قدرة المرأة على الإنجاب. يذكر أن لبس الكعب العالي لفترات طويلة قد يسبب انقلابا للرحم حيث إن الرحم داخل الحوض متصل بأربطة رخوة سهلة التمدد والارتخاء، والضغط المستمر إذا لم يحدث انقلابا في الرحم فعلى الأقل سيسبب آلاما في أسفل البطن والحالبين.
رأي الدين
تظل أهم أسباب حرص النساء على ارتداء أحذية ذات كعب عال - كما أشارت إحصائيات الأكاديمية الأمريكية لجراحي العظام - هي دواعي إبراز جمال الجسم، أو المساعدة على تضخيم أجزاء منه، أو ضرورات الموضة، أو الارتقاء بالمظهر في العمل
يقول الشيخ بن باز رحمة الله: وأقل أحواله الكراهة؛ لأن فيه أولا تلبيسا حيث تبدو المرأة طويلة وهي ليست كذلك، وثانيا فيه خطر على المرأة من السقوط، وثالثا ضار صحيا كما قرر ذلك الأطباء.
ومن العلماء من رأى عدم جواز لبس الكعب العالي مطلقا:
لأنه يُعرض المرأة للسقوط، والإنسان مأمور شرعاً بتجنب المخاطر بمثل عموم قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [النساء/29]، وقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة/195].
كما أنه يُظهر قامة المرأة وعجيزتها بأكثر مما هي عليه، وفي هذا تدليس وإبداء لبعض الزينة التي نهيت عن إبدائها المرأة المؤمنة بقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور/31] انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (مجلة البحوث 9/46 )
وكذلك فهو يجعلها مائلة إلى الأمام فيخشى انطباق وعيد المائلات المميلات عليها، قال -صلى الله عليه وسلم-: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ، رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس – يعني ظلماً وعدواناً – ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات).وهو يؤذي الظهر وهذا ثبت طبياً.
وكذلك يصدر الكعب صوتاً يلفت أسماع الرجال ويفتنهم، قال تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور/31] نسأل الله السلامة والعافية.