هذا الكتاب في أصله رسالة علمية تقدم بها الباحث لنيل شهادة (الماجستير) من جامعة الأزهر، من عمل الباحث محمد صالح محمد سليمان، وقد أجيز البحث بتقدير ممتاز مع التوصية بطباعته.
مضمون الكتاب
عرض الكتاب لموضوع الخلاف بين السلف في التفسير متتبعاً الدراسات السابقة في هذا الموضوع، ومنبهاً على أهمية تفسير السلف وخصائصه، ومبيناً لأساليب التفسير عند السلف من تفسير باللازم، وتفسير بالمثال، وتفسير بجزء المعنى، وغيرها من أساليب التفسير، ومنوهاً بأثر معرفة هذه الأساليب في فهم أقوال السلف واختلافهم.
وقد تعرض الباحث في بداية كتابه لنشأة الخلاف وتطوره وأنواعه، واحتمال النص القرآني لمعان متعددة، كما تعرض لبيان كيفية التمييز بين اختلاف المفسرين واختلاف الفقهاء. وعرض الباحث كذلك لأسباب الخلاف، مبيناً أن احتمالية النص القرآني هي السبب الرئيس في اختلاف المفسرين. كما تناول الباحث أسانيد التفسير، وإشكالية التعامل معها. وانتهى الباحث إلى وضع منهجية في التعامل مع أسانيد التفسير من خلال تتبع صنيع بعض المفسرين كالطبري، وابن عطية، وابن كثير، ثم توقف الباحث عند مواطن الخلاف، أو التي ظاهرها ا الخلاف في تفسير السلف من أول سورة الفاتحة إلى آخر الربع الثالث من سورة البقرة، ودرس كل موطن من هذه المواطن.
فصول الكتاب
تناول الباحث مادة كتابه من خلال مقدمة وتمهيد وبابين وخاتمة، وذلك على النحو التالي:
المقدمـة: بين فيها أهمية البحث، وأسباب اختياره له، والدراسات السابقة، وخطة البحث، ومنهجه فيه.
صدَّر الباحث كتابه بتمهيد حمل العناوين الفرعية التالية:
1) مفهوم الخلاف في اللغة والاصطلاح.
2) مفهوم السلف في اللغة والاصطلاح.
3) مفهوم التفسير في اللغة والاصطلاح.
الباب الأول: جاء بمثابة دراسة نظرية لموضوع البحث. وقد ضمنه فصولاً أربعة جاءت كالتالي:
الفصل الأول: خصائص وأساليب تفسير السلف. اشتمل هذا الفصل على توطئة، ومبحثين:
المبحث الأول: خصصه الباحث لبيان أهمية تفسير السلف وخصائصه.
المبحث الثاني: أفرده الباحث لبيان أساليب التفسير التي انتهجها السلف في تفسير القرآن الكريم.
الفصل الثاني: جعله الباحث تحت عنوان: الخلاف وأنواعه، وعالج هذا الفصل من خلال ستة مباحث، هي:
المبحث الأول: نشأة الخلاف في التفسير وتطور الكتابة فيه.
المبحث الثاني: احتمال النص القرآني لمعان متعددة.
المبحث الثالث: أنواع الخلاف، وقد تضمن هذا المبحث تمهيداً، ومطلبين:
التمهيد: ذكر فيه نبذة مختصرة عن أنواع الخلاف عامة، سواء عند الفقهاء، أو المفسرين، أو المحدثين، أو غيرهم.
المطلب الأول تناول فيه موضوع اختلاف التنوع، وقصد بهذا المصطلح تعدد الأقوال في المسألة من غير تعارض أو تناقض بينها.
أما المطلب الثاني فقد خصصه لبحث اختلاف التضاد، وهو الخلاف التي تتعارض فيه الأقوال وتتفاوت.
المبحث الرابع: ما يوهم الخلاف بين المفسرين، وهو في الحقيقة ليس باختلاف.
المبحث الخامس: التمييز بين اختلاف المفسرين، واختلاف الفقهاء.
المبحث السادس: بين الخلاف والإجماع.
تتمة: وقد تضمنت بعض الفوائد المتعلقة بموضع الخلاف عند السلف.
الفصل الثالث: أسباب الخلاف بين السلف في التفسير، ويعد هذا الفصل من أهم فصول الكتاب، وحاصل هذا الفصل يُظهر أن أغلب ما نُقل من اختلاف بين السلف إنما هو عند التدقيق والتمحيص خلاف تنوع وتعدد، وليس اختلاف تضاد وتعارض.
الفصل الرابع: أسانيد التفسير بين إشكالية التعامل ومنهج التلقي، وقد تضمن هذا الفصل مبحثين:
المبحث الأول: إشكالية التعامل مع أسانيد التفسير.
المبحث الثاني: منهج تلقي روايات المفسرين.
الباب الثاني: تضمن دراسة تطبيقية على مواطن الخلاف في تفسير السلف من أول سورة الفاتحة إلى آخر الربع الثالث من سورة البقرة.
وقد نهج الباحث في دراسة موضوع هذا الباب منهجاً يقوم على التالي:
- حصر أقوال السلف المختلفة، أو التي ظاهرها الخلاف، الواردة عنهم في معنى كلمة، أو جملة، أو آية من خلال تفسيري: الطبري، وابن أبي حاتم، وقد بلَغَتْ سبعين مسألة خلافية.
- ذِكْرُ مقطع الآية التي ورد فيها الخلاف بين السلف، والالتزامُ بترتيب الآيات وفق ترتيبها المعهود في المصحف الشريف.
- ذِكْرُ أقوال السلف المختلفة، أو التي ظاهرها الخلاف في مقطع الآية قيد الدراسة.
- ذكر المعنى اللغوي للمفردة -موطن الخلاف- إن كان للخلاف تعلق بها، والربط بين المعنى اللغوي وبين تفاسير السلف؛ لأن غالب تفاسيرهم كانت على المعنى المقصود من الآية.
- بيانُ نوع الخلاف من حيث كونه اختلاف تنوع، أو اختلاف تضاد؛ فإن كان الخلاف اختلاف تنوع بيَّن رجوعه إلى معنى واحد، أو إلى أكثر من معنى.
- بيانُ سبب الخلاف بين أقوال السلف: كالعموم، أو الإجمال، أو الاشتراك، أو الحذف، أو غير ذلك.
- دراسةُ الأقوال المختلفة، وبيانُ ما كان منها تفسيراً بالعموم، أو باللازم، أو بالمثال، أو بجزء المعنى. وإن كان في قول من الأقوال شذوذٌ، أو مخالفةٌ للقواعد الشرعية بيَّن ذلك، وأخرجه عن دائرة الاعتبار.
- النظر في إمكان الجمع بين الأقوال، ومراعاة أنه قد تُقبلُ كل الأقوال لصحتها، وتوافُقِها مع السياق والنظم، وقد يكون بعضها أولى بالقبول من الآخر، ولا تعني الأولوية ردَّ بقية الأقوال.
- الترجيحُ عند عدم إمكان الجمع بين الأقوال، أو صعوبته، وبيانُ أسباب ترجيح أحد الأقوال، وتعليل ما اختاره من الأقوال.
- إن وجد فائدة في الأقوال المذكورة، أو في قول منها، ذكرها ونبَّه عليها في موضعها.
وجاءت خاتمة الكتاب متضمنة جملة من النتائج التي خرج بها الباحث من بحثه، إضافة إلى ذكر بعض التوصيات المتعلقة بموضوع البحث.
ومن أهم النتائج التي سجلها الباحث ما يلي:
أولاً: تفسير السلف أصل أصيل، وركن ركين من أصول التفسير، ولا يجوز لطالب الحق إهماله، أو تركه؛ إذ بتركه يقع الباحث في مزالق خطيرة، وبإهماله يرتكب أخطاء كبيرة.
ثانياً: قلة الخطأ في تفاسير السلف خاصية من أهم الخصائص، ومزية من أهم المزايا التي امتازت بها تفاسيرهم.
ثالثاً: نبه المؤلف على أهم الخطوات التي لا بد أن يسلكها الباحث قبل حكمه بالخطأ على قول من أقوال السلف، وأن غالب ما نُسب إلى آحادهم من أخطاء؛ إما أن يكون غير ثابت من جهة النقل، أو أنه فُهِمَ على وجه لم يقصدوه، أو حُمِل على سياق غير السياق الذي قيل فيه، أو مقام غير المقام الذي فسروا فيه.
رابعاً: ضرورة معرفة الباحث لأساليب السلف وطرقهم في تفسير الآيات؛ إذ بهذه المعرفة ترتقي مدارك الباحث، وتتأصل عنده مَلَكَة التفسير، التي من خلالها يُحْسِن فهم كتاب الله، وأن عدم معرفة طرقهم في التعبير عن المعاني من أكبر العوائق التي تحول دون فهم كلامهم، كما أن الجهل بها يوقع في إيهام الخلاف وكثرته بينهم، وكذا يوقع في تخطئتهم دون وجه حق.
خامساً: ضرورة تبني الجامعات والمراكز العلمية لموضوع الخلاف بين السلف في التفسير، وإتاحة دراسته التطبيقية للباحثين؛ ليفيدوا من طرائق السلف وأساليهم في التفسير، وليكتسبوا الخبرة الكافية بأصل من أهم أصول التفسير.
صدرت الطبعة الأولى من الكتاب في جزء واحد عن دار ابن الجوزي سنة (1430هـ)، وبلغت عدد صفحاته (524) صفحة من غير الفهارس.