المعنى الإجمالي :
في هذا الحديث يقدم النبي صلى الله عليه وسلم للسائل وصية وجيزة جامعة لخصال الخير ألا وهي: لا تغضب : أي لا تتعرض لما يجلب الغضب ، ولا تفعل ما يأمرك به الغضب .
وقال الباجي رحمه الله : جمع له صلى الله عليه و سلم الخير في لفظ واحد، لأن الغضب يفسد كثيرا من الدين والدنيا، لما يصدر عنه من قول وفعل، قال: ومعنى لا تغضب لا تمض ما يحملك غضبك عليه وكف عنه وأما نفس الغضب فلا يملك الإنسان دفعه وإنما يدفع ما يدعوه إليه .
ما يُذهِبُ الغضب :
ورد في السنة ما يعين على ذهاب وإطفاء الغضب ومن ذلك:
ـ التعوذ بالله من الشيطان :كما في رواية سليمانَ بن صُرَد رضي الله عنه قال : (استبَّ رجلان عند النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس ، وأحدهما يسبُّ صاحبهُ مغضباً قد احمرَّ وجهُه، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهبَ عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشَّيطان الرجيم، فقالوا للرجل : ألا تسمعُ ما يقول النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إني لست بِمجنون ) رواه البخاري ومسلم.
ـ ومنها الجلوس والاضطباع عند حدوث الغضب لما روى أبو ذر رضي الله عنه أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:( إذا غضب أحدكم وهو قائِم ، فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) رواه أبو داود.
ـ ومنها الصمت والسكوت لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا غضب أحدكم فليسكت ، قالها ثلاثا ) رواه أحمد.
ولذا فإن على المسلم أن يدرك أن الغضب الذي لا يمكن التحكم فيه والتخفيف من آثاره هو أعدى الأعداء للإنسان كما قال القائل:
ولم أر في الأعداء حين خبرتهم ... عدوا لعقل المرء أعدى من الغضب
ومن أجل ذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشديد من يملك نفسه عند الغضب، فعن أبي هُريرة رضي الله ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس الشَّديد بالصُّرعة ، إنما الشَّديد الذي يَملك نفسه عند الغضب) رواه البخاري ومسلم.