الانتصار.. للنبي المختار

29/11/2020| إسلام ويب

أكبر جريمة نكراء وفعلة شنعاء ترتكب ضد الأديان، وضد الرسل أجمعين، تلك الجريمة البشعة الشنعاء التي خطتها أقلام سفيه، أو رسمتها ريشه ضليل، أو نطق بها لسان حاقد بغرض الإساءة إلى صاحب اللواء المعقود، والحوض المورود، والمقام المحمود، وصاحب الشفاعة العظمى محمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وإن كان رسول الله أجل وأعلى وأسمى من أن تطاله هذه التفاهات الآثمة، فأنى لقزم أن يطاول قبة السماء، وهل يطفأ نور الشمس بالنفخ فيه، وهل من زكاه الله ينقصه ما قاله ناقص؟
يا مُصْطَفَى منْ قبْلِ نشْأةِ آدَمٍ .. .. والكوْنُ لمْ تُفْتَحْ لهُ أغْـلاقُ
أيَرومُ مخْـلوقٌ ثَـناءَكَ بعْـدَما .. .. أثْنَى علَى أخْلاقِكَ الخلاّقُ

يامن أسـأت برسـم في مشفــعنا .. شلت مدى الدهـر والتاريخ كفاكا 
كيف اجترأت على خير الورى سفها .. قد بؤت بالإثم ظلاما وأفاكا
إن الرسول لنور الكون أجمعه .. .. لكن تعامت عن الأنوار عيناكا

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق وأجملهم وأكرمهم على خالقهم، فهو الأوحد في هذه الحياة الذي أخذ بمجامع المحامد، وارتقى سلم العظمة إلى منتهاه، وبلغ من حسن الخلق مبلغا لا يصلح معه إلا ثناء الرب عليه {وإنك لعلى خلق عظيم}.

لقد كان مضرب المثل في كل شيء محمود، وفعل ممدوح، وحسن جميل [إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الدهر].

شَرحَ اللهُ له صَدرَه، ووَضعَ عنه وزرَه، ورَفعَ له ذِكرَه، وقرن اسمه باسمه:
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه .. .. إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشــق لــه من اســمه ليــجــله .. .. فـذو العرش محمود وهـذا محمد

وَجدَه الله يَتيمًا فآواه، وفقيرا فأغناه، وضَالاً فهَداهُ، وقربه وأدناه. وصفه بالرسالة، وناداه بالنبوة، وشرفه بالعبودية، وأعطاه حتى أرضاه، وجعل آخرته خيرا من دنياه. {وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى}.

زَكَّى اللهُ عقلَه فقَالَ: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُم وَمَا غَوَى}، وزَكَّى لسانَه فقَالَ: {وَمَا يَنطِقُ عَن الهوى}، وزَكَّى كلامَه فقَالَ: {إِن هُوَ إِلاَّ وَحيٌ يُوحَى}، وزَكَّى قَلبَه وفؤاده فقَالَ: {مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى}، وزَكَّى بصرَه فقَالَ: {مَا زَاغَ البَصَرُ وَمَا طَغَى}، وزَكَّى أخلاقَه فقَالَ: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ، عَظِيمٍ}.
ربَّاكَ ربُّكَ، جلَّ من ربَّاكا .. .. ورعاكَ في كنفِ الهدُى وحَماكا
سبحانَه أَعطاكَ فيضَ فَضائلٍ .. .. لم يعُطِها في العالمينَ سِواكا

وبالجملة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تُحُصَى فَضائُله، ولا تُعدُّ شمائلُه، فكل شرف لذاته منسوب:
فانسب إلى ذاته ما شئت من شرف .. وانسب إلى ذاته ما شئت من عظم
فإن فضــل رســـول الله ليــس لـه .. .. حــد فيُعــرِب عـنه ناطــق بـفــم
فمبـــلغ العــلم فــيه أنـه بــشــر .. ..    وأنــه خــير خـلــق الله كلـــهــم

رحمة للعالمين
لقد كانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم نعم الله على البشرية، فقد كانت بعثته رحمة للعالمين، وكانت نعمة الله علينا به هي أجل النعم، فقد استنقذنا به من الشرك، وهدانا به من الضلالة، وبصرنا به من العمى، وكثرنا به من قلة، وأعزنا به بعد الذلة، وأنقذنا به من النار، وجعلنا بفضل بعثته واتباعنا له خير أمة أخرجت للناس..
فكان حقا علينا وعلى الأمة ـ بل على كل فرد فيها ـ أن يحب رسول الله أكثر من محبته لوالده وولده والناس أجمعين؛ كما قال ذلك نبينا صلوات الله وسلامه عليه: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين).

بل لا يكمل إيمان عبد حتى يكون رسول الله أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه.. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: [كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلا نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكِ، قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ الآنَ، وَاللَّهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الآنَ يَا عُمَرُ] "رواه البخاري".

إن محبتنا لنبينا صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تكون أعظم من محبتنا لأي مخلوق على وجه الأرض.. نحبه أكثر من محبتنا للآباء والأمهات، والأبناء والبنات، والأموال والزوجات، والولاة والملوك والحكام، وأكثر من البلدان والأوطان.
كيف لا وكل خير إنما جاءنا بسببه وعلى يديه صلى الله عليه وسلم؟

وقد لخص أبو بكر الصديق رضي الله عنه ذلك الأصل وأكده، حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم  ينعى نفسه لأمته ويخبرهم بدنو أجله، ويقول: (إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله). ففطن لها أبو بكر رضي الله عنه فبكى وقال: بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأرواحنا وأموالنا يا رسول الله..

وأكد هذا المعنى أيضا حسان بن ثابت شاعر الرسول حين رد على من يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتقصه:
هجوتَ محمدا فأجبتُ عنه .. .. وعند الله في ذاك الجزاء
هجوتَ محمدا بـرا رؤوفا .. .. رسـول الله شيمته الوفـاء
فإن أبي ووالده وعرضي .. .. لعرض محمد منكم وقـاء

وأكده أيضا زيد بن الدثنة حين أسره المشركون في بعث الرجيع وذهبوا به ليقتلوه وصلبوه على خشبة، فجاءه أبو سفيان فقال له: أَنشُدُكَ باللهِ يَا زَيد، أَتُحِبُّ أَنَّ محمدًا الآنَ عِندَنَا مَكَانَكَ نَضرِب عُنُقَهُ وَأَنَّكَ في أَهلِكَ؟ قال: والله ما أُحِبُّ أَنَّ محمداً الآنَ في مكانه الذي هو فيه تُصِيبُهُ شَوكَةٌ تُؤذِيهِ وَأني جالسٌ في أَهلي!!، فقال أَبو سفيان: مَا رَأَيتُ مِنَ الناسِ أَحداً يُحِبُّ أَحَداً كَحُبِّ أَصحَابِ محمدٍ محمداً ".
عِرضي فِدا عِرضَ الحبيبِ مُحمدٍ .. .. وفِداهُ مُهجةُ خَافقي وجَنانيِ
وفِـــــداه كــلُّ صغيرِنَا وكَــبيرِنَــا .. .. وفِـداهُ ما نَظرتْ له العَينانِ

نصرته وتعزيره
وإذا كانت محبة النبي واجبة على كل مسلم فإن من لوازم هذه المحبة تعزيره وتوقيره، وأن ننتصر له وندافع عنه ونزود عن حماه، ونمنع أي إساءة إليه، ولو كلفنا ذلك الأرواح والمهج، فنحورنا دون نحره، ونفوسنا فداء له {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}(الأحزاب:).

لقد حاول بعض من لا خلاق له الإساءة إلى مقام رسول الله تحت مسمى حريات التعبير والرأي، وهذا غير مقبول لدى المسلمين بأي حال.

ونحن ـ وإن كنا نعلم أن مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرُّه نعيقُ نَاعقٍ، ولا صَريخُ زاعقٍ ـ إلا أننا لا ينبغي أن نقف مكتوفي الأيدي أمام تلك الإساءات والسفاهات والسفالات، بل ينبغي أن ننتفض للدفاع عن رسولنا وحبيبنا ونبينا..

ومن أعظم ما ينصر به الرسول:
. أن نتعلم دينه، وأن نتمسك بسنته، ونهتدي بهديه، وهو أعظم ما يغيظ الكفار.
. أن نأتمر بما أمر، وننتهي عما نهى عنه وزجر، وألا نعبد الله إلا بما شرع.
. أن نتخلق بخلقه، وأن نتأدب بآدابه، وأن نسير بين الناس بسيرته.
. أن ننشر دينه وأن ندعو الناس إليه مسلمين وكافرين ما أمكننا ذلك وبكل ما أتيح.
. الانتصار للنبي من كل من أساء إليه بكل ممكن ومشروع، ورد كيد الكافرين بكل وسيلة حضارية.
. المقاطعة الاقتصادية لبضائعهم، فقد أظهرت بحمد الله أثرها وآتت بعض أكلها، فينبغي الأخذ بها كما أضروا بنا وأساءوا إلينا في نبينا وديننا.

فإن تولينا عن نصرة ديننا ونبينا فإننا والله نخاف أن يستبدل الله بنا قوما غيرنا، ينتصرون لله ولرسوله {إلا تنصروه فقد نصره الله}، {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}.

www.islamweb.net