كيف نواجه خطة تهجير الفلسطينيين

06/02/2025| إسلام ويب

 أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضجة كبيرة وجدلا واسعا باقتراحه إخلاء قطاع غزة من سكانه، وتهجير أكثر من 2 مليون فلسطيني من القطاع إلى مصر والأردن، بدعوى "تطهير" القطاع وإعادة إعماره بعد حرب دامت 15 شهرًا. هذه الخطة في الحقيقة ليست جديدة بل سبق لصهره ومستشاره السابق جاريد كوشنر الحديث بوضوح عن هذا الأمر، مع رفضه وقتها الاعتراف بحل الدولتين باعتباره الاعتراف بدولة فلسطينية مكافأة للإرهاب على حد قوله.

ورغم يقيننا أن هذه الخطة ستفشل كما فشلت خطط أخرى سابقة كانت تهدف لتحقيق نفس الهدف، وكما فشلت الحرب التي استمرت 15 شهرا في إجبار الفلسطينيين على ترك أرضهم في قطاع غزة رغم الدمار الهائل، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الاحتلال أثناء تلك الحرب، رغم هذا اليقين لابد من الانتباه إلى أنه لابد من مواجهة هذه الخطط بكل السبل المتاحة لتثبيت الفلسطينيين في أرضهم، وإفشال كل المخططات الهادفة إلى اقتلاعهم منها.

دوافع الترويج لخطة التهجير
لابد من الإشارة هنا إلى أن أهم هذه الدوافع هو الرغبة في خدمة دولة الاحتلال بتوسيع رقعتها وبسط سيطرتها على مزيد من الأرض؛ وسعيا لكسب ود الصهاينة الإنجيليين المؤيدين لإسرائيل. ومن جانب آخر: تصفية القضية الفلسطينية، وتصدير المشاكل إلى دول الجوار، ورفع العبء الأمني والاقتصادي عن كاهل الاحتلال. كما جاءت الخطة بما يتماشى مع "صفقة القرن"، التي صُممت أساسا لخدمة المصالح الإسرائيلية على حساب الحقوق العربية والفلسطينية، كما تزامنت هذه التصريحات حول الخطة مع الترويج لاتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية فيما يسمى: (اتفاقيات أبراهام).

ليست المحاولة الأولى للتهجير
منذ عام 1948 وحتى اليوم، لم تتوقف محاولات تهجير الفلسطينيين، سواء بالقوة العسكرية أو بالسياسات الاستيطانية والاقتصادية، ومن أبرز المحطات التاريخية لهذه المحاولات:
1. النكبة (1948)
قامت القوات الصهيونية بتهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني خلال حرب 1948، عبر المجازر والتدمير المنهجي للقرى.
منعت إسرائيل اللاجئين من العودة، رغم قرارات الأمم المتحدة، خصوصًا القرار 194 الذي أكد على حق العودة.
2. النكسة (1967)
بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء خلال حرب 1967، هُجِّر حوالي 300 ألف فلسطيني، معظمهم إلى الأردن.
استهدفت إسرائيل مدنًا مثل القدس وأريحا، وهدمت قرى بأكملها، مثل قرية عمواس ضمن سياسة تفريغ الأرض.
3. محاولات التوطين في الدول العربية
في خمسينيات القرن الماضي: طرحت مشاريع لتوطين اللاجئين في سيناء والأردن وسوريا، لكنها قوبلت برفض فلسطيني وعربي واسع.
4. حصار غزة ومحاولات التهجير القسري
منذ فرض الحصار الإسرائيلي على غزة عام 2007، سعت إسرائيل لدفع الفلسطينيين إلى النزوح عبر الضغوط الاقتصادية والعسكرية.
خلال الحروب المتكررة على غزة (2008، 2012، 2014، 2021، 2023)، استخدمت إسرائيل القصف المكثف والتجويع لدفع السكان إلى الهجرة، لكن جميع المحاولات فشلت.
5. سياسة تهويد القدس والضفة الغربية
تمارس إسرائيل منذ عقود سياسة التهجير الصامت في القدس من خلال هدم المنازل وسحب الهويات وإقامة المستوطنات.
في حي الشيخ جراح وسلوان، حاولت السلطات الإسرائيلية طرد العائلات الفلسطينية بالقوة، ما أدى إلى احتجاجات واسعة عام 2021.
في الضفة الغربية، يُجبر الفلسطينيون على مغادرة أراضيهم بسبب الاستيطان المتوسع، والعنف الاستيطاني، وتقييد الحركة.
6. خطط التهجير الحديثة
خلال حرب 2023، تصاعدت دعوات مسؤولين إسرائيليين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش لتهجير سكان غزة إلى مصر.
7. خطة ترامب لتهجير سكان غزة.
رفضت مصر والأردن هذه الخطة، مؤكدة أنها انتهاك للقانون الدولي وتهديد للأمن القومي العربي.
كما أن تمسك الفلسطينيين بأرضهم، ورفضهم مغادرتها رغم قسوة الحرب، والجوع، والدمار، كان أعظم أسباب فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه بإجبارهم على الهجرة، وأصدق دليل على ذلك مشاهد عودة النازحين الفلسطينيين إلى أرضهم في شمال غزة رغم تمدير الاحتلال منازلهم ومستشفياتهم والبنية التحتية.

التهجير القسري جريمة حرب
مما يجب التركيز عليه في هذه المرحلة استحضار القانون الدولي الذي يعد التهجير القسري جريمة يعاقب مرتكبها، إذ تحظر اتفاقية جنيف الرابعة نقل السكان بالقوة، وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية التهجير القسري جريمة حرب. كما تؤكد قرارات الأمم المتحدة على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم. ورغم ضعف آليات تنفيذ هذه القوانين خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الصهيوني فإن استحضار هذه القوانين من شأنه أن يساهم في تكوين رأي دولي عام مؤيد للموقف العربي والفلسطيني برفض التهجير باعتباره جريمة.

دعم أهل غزة وتثبيتهم على أرضهم
وذلك من خلال التمسك بإعادة الإعمار، وإغاثتهم، وإنشاء المشاريع التي توفر فرص العمل لأكبر عدد ممكن منهم
دعم موقف مصر والأردن
سبق أن أعلنت كل من مصر والأردن اعتراضهما ورفضهما بشدة أي محاولة لتهجير الفلسطينيين، باعتبار ذلك انتهاكًا للقانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا لأمنهما القومي، بل للأمن القومي العربي. وهنا لابد من التئام شمل جامعة الدول العربية واتخاذها موقفا موحدا رافضا لهذه الخطط، وكذلك عقد قمة إسلامية لتبني نفس الموقف، والتنسيق مع المنظمات الدولية لدعم الفلسطينيين، والعمل على ضمان استمرار إيصال الدعم للفلسطينيين.

الوقوف بوجه أحلام التوسع الصهيونية
علينا أن نتذكر أن مشروع الاحتلال هو في جوهره مشروع عقائدي توسعي تشكل أرض الميعاد جوهره، ولن يكتفي الاحتلال بفلسطين، فأرض الميعاد بالنسبة لهم من النيل إلى الفرات، وإذا استكان العرب وانصاعوا لهذه المخططات فسيكون دورهم التفكير في البلد التالي الذي سيأتي عليه الدور، ونظرة إلى ما يفعله الاحتلال حاليا بجنوب لبنان وفي سوريا تثبت صحة ما نحذر منه.

 

www.islamweb.net