التأثير النفسي للصيام على المسلم

16/03/2025| إسلام ويب

الصيام في حقيقته ليس مجرد ابتعاد عن الطعام والشراب فقط، بل هو رياضة روحية ونفسية أيضًا، تقوي صلة الصائم بالله تعالى، فالله تعالى قال بعد أن فرض علينا الصيام (لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]. فرمضان شهر لتطهير الروح، وتهذيب النفس، وكسر الشهوات أيضًا، يشعر المسلم في هذا الشهر بالقرب من الله تعالى، مما يضفي على نفسه صفاءً واطمئنانًا وسكينةً، فيزداد إيمانُه وتعلقه بالله تعالى، ويحمله ذلك على مراجعة سلوكه والغاية من وجوده في هذا الكون. نعرض في هذا المقال لبيان شيء من التأثير النفسي للصيام على المسلم.
 
أولًا: تقوية الصلة بالله تعالى
رمضان من أكثر الشهور التي يُكثر فيه المسلم من العبادة، صيامًا وصلاةً ودعاءً وإنفاقًا وغيرها، وهذه العبادات تعمق صلة الصائم بالله تعالى، وتجعله أكثر إيمانًا ويقينًا بعظمة الله وقدرته، فمجرد أن يستشعر الصائم أن أبواب الجنة مفتوحة في هذا الشهر، وأن أبواب النار مغلقة فيه؛ يشعر بأنه قريب من الله تعالى، وأن الله تعالى يناديه إلى رحمته، فتتقوى صلته بربه وخالقه، قال تعالى في معرض ذكر آيات الصيام: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۖ أُجِيبُ دَعۡوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِۖ فَلۡيَسۡتَجِيبُواْ لِي وَلۡيُؤۡمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمۡ يَرۡشُدُونَ) [البقرة: 186].
 
ثانيًا: التطهير النفسي في رمضان
إن من أبرز آثار الصيام النفسية: تطهير النفس من الأدران والأمراض المعنوية، كالأنانية، والكبرياء، والغضب، والتعلق بالشهوات وغيرها، فالصيام يساعد المسلم على الانتصار على نفسه من خلال صبره على شهواته، ويحمله جوعه وعطشه على الشعور بالفقراء والمعدمين، كما أن الجوع يكسر ما في قلبه من كبرياء، فيتواضع لله تعالى ويتواضع لعباده أيضًا، وذلك يضفي على نفسه راحةً عظيمة. قال صلى الله عليه وسلم: «‌الصِّيَامُ ‌جُنَّةٌ» رواه البخاري. أي: ستر ووقاية من النار أو من الأمراض أو من غيرها كما ذكر ابن حجر تفسير العلماء للحديث.
 
ثالثًا: الصيام وتهذيب السلوك
الصيام يوفر للمسلم فرصة عظيمة لتهذيب سلوكه وتطهير نفسه، ويتأتى ذلك من خلال أمور كثيرة منها:
أن الصيام يُشجع المسلم على ضبط نفسه، والتحكم بشهواته، بما في ذلك الطعام والشراب، لاسيما وهو يجد الوعد بالأجر على ذلك من الله تعالى، فقد صحَّ عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشرة أمثالها إلى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: إِلَّا الصَّوْمَ. فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ. يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي» رواه مسلم.
من أن الصيام يحمل المسلم على الابتعاد عن المعاصي والآثام التي تلوث صفاء نفسه، صحيح أن ذلك الابتعاد قد يكون في رمضان لبعض الوقت فقط، ولكن لا شك أنه سيترك أثرًا على نفس الصائم.
من أن الصيام يحمل المسلم على التحلي بالصبر، ومنه يتعلم الصائمُ الصبر على مشاق الحياة كلها، وذلك يعطيه قوة وعزيمة في قلبه ونفسه.
 
رابعًا: تطهير القلب من الحقد والغل
من أجل مقاصد الصيام أن يترقى المسلم في مقامات تقوى الله جل وعلا، والتقوى تحمل المسلم على الإحسان والرحمة بالآخرين، وشهر رمضان يُعلّم المسلم أن يكون أكثر تسامحًا ومغفرة لمن أساء إليه، وذلك يعمل على تطهير قلبه من الحقد والغل، قال صلى الله عليه وسلم «وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا ‌يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» رواه البخاري. وهذا يعزز من روح الأخوة في المجتمع المسلم.
 
بهذه المعاني ونحوها يصدق على شهر رمضان أنه شهر الروحانية والتطهير النفسي، فهو يساعد المسلم على تعزيز إيمانه وتقوية علاقته بالله تعالى وبإخوانه المسلمين، وذلك من خلال العبادات الكثيرة التي يؤديها في هذا الشهر، ومن خلال الابتعاد عن المعاصي والآثام أيضًا. فلنجعل رمضان فرصة لتعديل سلوكنا، وصفاء نفوسنا بإحسان صيامنا فيه.

 

www.islamweb.net