الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن أجلي قد اقترب فهل هذا الإحساس حقيقي أم وسواس؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 27 عاما، في تاريخ 27 رمضان شعرت أن أجلي قد اقترب، وزاد خوفي من الموت، وأصبحت الفكرة مسيطرة على حياتي بالكامل، وزاد تفكيري عند حدوث حالات كثيرة من الوفيات في هذه الفترة، فأصبحت مقصرا في العمل والتمرين الرياضي، ولا أشعر بطعم الفرح، ولا أعرف كيف أمارس وأعيش حياتي ولا أخطط لمستقبلي، مع العلم أنني محافظ على الصلاة وقراءة القرآن -والحمد لله-، فهل هذا الإحساس حقيقي أم وسواس من الشيطان؟ وهل من الممكن أن يتنبأ أحد بقرب أجله؟

أرجو الإفادة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مؤمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذا إحساس شيطاني قلقي وسواسي لا أساس له، الآجال والأعمار بيد الله تعالى، قال تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلَّا قليلاً}، والآجال حين تأتي تأتي، الموت لا مشورة أو استشارة حوله، {كل نفسٍ ذائقة الموت}، وقال تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون}، وقال تعالى: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} وقال تعالى: {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت}، فلا شك ولا ريب أن الموت آتٍ، والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

فيا أخي الكريم: هذه أحاسيس باطلة، اجعل إيمانك قويًّا، كن شخصًا متوكلاً، اسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن يُطيل عمرك في عمل الصالحات، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم لقائك).

وأرجو أن تخاف من الموت خوفًا شرعيًا وليس خوفًا مرضيًا، يعني: لا يكون خوفًا يُقعدك عن العمل، ولا يجعلك تتأخر عن ركب الصالحين، والخوف الشرعي معروف، وهو أن نتبع الطاعات، وأن نتمسَّك بالعبادات، قال تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}، وأن يكون توكلنا على الله تعالى في أعلى مراتبه، وأن نعيش الحياة بقوة وجمال وأملٍ ورجاءٍ.

هذه هي الكيفية المطلوبة في إدارة الحياة، أن نؤدي ما علينا من حقوق، وأن نستعدَّ للموت كما ينبغي له الاستعداد، وأن نعمل في الحياة كأنا نعيش أبدًا، ونعمل للآخرة كأنَّا نموتُ غدًا، فأرجو أن تجعل هذا منهجك أخي الكريم.

أرجو أن تعيش حياة صحية، لأن الحياة الصحية أيضًا تعطيك الشعور بأنك ستعيش إن شاء الله حياة طيبة، والحياة الصحية تتطلب الالتزام بالعبادات، النوم الليلي المبكر، الاستيقاظ المبكر، الغذاء المتوازن، ممارسة الرياضة، التنمية والإشباع الفكري من خلال القراءة والاطلاق والتطوير المهني وحُسن التواصل الاجتماعي، وأن يكون الإنسان إيجابيًا في فكره ومشاعره وسلوكه، وأن تكون مفيدًا لنفسك ولغيرك.

بهذه الكيفية – أخي الكريم مؤمن – تستطيع أن تتخلص من هذا الذي يُهيمن ويُسيطر عليك.

أيها الفاضل الكريم: أعتقد أنك محتاج لدواء بسيط كمضاد لقلق المخاوف الوسواسي، وأعتقد أن عقار (زولفت) والذي يُسمى تجاريًا أيضًا (لسترال)، واسمه العلمي (سيرترالين) وفي مصر يُسمى (مودابكس) سيكونُ مفيدًا لك جدًّا، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، وهي حبة واحدة في اليوم، لكن أولاً ابدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا)، تناوله ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة عشرين يومًا، ثم تتوقف عن تناول الدواء. هو سليم وفاعل جدًّا إن شاء الله تعالى.

أرجو أن تأخذ بما ذكرته لك من إرشاد، وتتناول الدواء بالكيفية التي وصفناها لك، وإن شاء الله تعالى سوف تنزل عليك طمأنينة، ونسأل الله تعالى أن يربط على قلبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً