الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي قرر تركي لأني نحيفة!

السؤال

السلام عليكم.

أنا امرأة عمري 27 سنة، كنت متزوجة، وكانت علاقة الزواج عن حب قوي، وقد قدمت لزوجي كل الحب والحنان والعطاء، إلا أن مشكلتي أني كنت نحيفة، وكان هناك جفاف مهبلي؛ مما أثر على العلاقة، وأصبح ينفر مني رغم كل ذاك الحب، وفي الأخير قرر تركي والانفصال!

الآن أنا محطمة، ولا أرى نفسي صالحة لا كزوجة ولا كامرأة. الألم النفسي يقتلني، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتفهم مشاعرك -يا ابنتي- فمن أكثر الأشياء التي يمكن أن تكسر قلب الإنسان هو أن تقابل تضحيته بالنكران، ويقابل حبه وعطاؤه بالجحود، ففي مثل هذه المواقف قد يصاب الإنسان بصدمة نفسية، وقد يمر بكل مراحلها المعروفة في الطب النفسي؛ لذلك فالخطوة الأولى التي أريدك أن تدركيها: هي أن ما تعانين منه من مشاعر هو أمر حقيقي، وهو ناتج عن مرورك بحالة نسميها: متلازمة ما بعد الصدمة، أو متلازمة ما بعد الشدة، وهي عبارة عن مجموعة من المشاعر النفسية والأعراض الجسدية التي تصيب الإنسان بعد مروره بظرف أو تجربة قاسية، ففي البدء قد يصاب بحالة من الإنكار وعدم التصديق لما حدث معه، ثم بعد ذلك تنتابه نوبات من الغضب، وبعدها يحاول البحث عن تفسير أو سبب لما حدث، وغالبا ما يقوم بإلقاء اللوم على نفسه ويتهمها بالتقصير؛ فينتابه شعور بالذنب وعدم التقدير لنفسه، وهذا كله يقوده إلى الحزن والاكتئاب، وفي الحالات المثالية فإن مرحلة الحزن هذه لا تطول ولا تتحول إلى حالة اكتئاب، بل تنتهي بمرحلة يتقبل الشخص الواقع وكل ما حدث له، ويمضي قدما في حياته الطبيعية قدر الإمكان.

أنت الآن -يا ابنتي- تعيشين في مرحلة لوم النفس واتهامها بالتقصير، وتعتقدين بأنك سبب المشكلة، وهذا ليس صحيحا على الإطلاق، فأنت لست السبب في تصرف زوجك، فما تعتقدينه من أسباب دفعت زوجك إلى التخلي عنك هي ليست الأسباب الحقيقية، بمعنى آخر: إن المشكلة ليست بك ولا بنحافتك على الإطلاق، بل المشكلة في شخصية زوجك، وبمعنى أوضح أقول لك: إن زوجك على الأرجح يعاني من اضطراب في الشخصية، وكان سيتخلى عنك مهما كانت صفاتك، وحتى لو كنت تملكين كل مواصفات الجمال المثالية، فالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الشخصية (ونحن هنا نتحدث عنهم من وجهة نظر طبية وعلمية) هم غالبا أشخاص غير ناضجين عاطفيا، ولا يتعاملون مع المحيط بالعواطف، وما يحركهم في حياتهم هي مصالحهم ورغباتهم وليس العواطف؛ لذلك فهم لا يهتمون لما تسببه تصرفاتهم من أذى لمشاعر الآخرين، وبالنسبة لهم فإن كل العلاقات بما في ذلك العلاقة الزوجية هي مجرد علاقة أو ارتباط تحكمه المصلحة فقط، وقد بينت الدراسات الحديثة بأنهم يفتقدون إلى مهارة التواصل العاطفي ومهارة تبادل المشاعر؛ لذلك فهم غير قادرين على إقامة علاقات طويلة الأمد تعتمد على المشاعر العميقة والصادقة؛ لذلك أقول لك: لا تنظري إلى موقف زوجك على أنه أمر موجه ضدك أو ضد شخصيتك أنت بالذات، ولا تنظري إليه على أنه الآن في مركز القوة، وأؤكد لك على أن فرصتك في النجاح في هذه الحياة أكبر بكثير من فرصته هو، فأي زواج أو ارتباط مستقبلي بالنسبة له سينتهي على الأرجح بنفس النهاية؛ لأنه يفتقد إلى التواصل العاطفي وينظر إلى المظهر وليس إلى الجوهر، فاحمدي الله عز وجل أن العلاقة قد انتهت في مرحلة مبكرة، واعتبري بأن هذه النهاية كانت لطفا من الله بك، وتعلمي من هذه التجربة كيف تقيمين جيدا شخصية أي خاطب قد يتقدم لك مستقبلا إن شاء الله، وأعطي دوما الأولوية لمن ترضين دينه وخلقه، كما علمنا رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم.

أكرر لك -أيتها العزيزة-: أنت لست السبب فيما حدث، لكن السبب هو في شخصية زوجك السابق، فتوقفي عن لوم نفسك، وأخرجي نفسك من حالة الحزن واليأس التي تعيشينها، فأنت تستحقين الأفضل؛ لأنك إنسانة قادرة على الحب والعطاء، وهذه المعاني الجميلة هي أساس نجاح أي زواج أو علاقة إنسانية.

أتمنى لك كل التوفيق بإذن الله تعالى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً