الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من معاناتي مع توهم المرض؟

السؤال

السلام عليكم

أصابتني في حملي بالشهر التاسع حالة لا أعرف كيف أشرحها، لكن أحسست بشيء غريب، وطعمة خدر في فمي، فخفت كثيراً، وبدأت بالصراخ ليأخذوني للمشفى.

مع العلم أنه لا وجود لأي ألم، وفي المشفى أجروا لي تخطيط قلب، وفحص دم، وكان كل شيء طبيعيا، لكن ضغطي مرتفع درجة، وتحسنت حالتي وأنا داخل المشفى، وأعدت قياس الضغط، وكان طبيعيا، وبعد ولادتي بشهر تقريبا عادت لي نفس الحالة، في الحال ذهبت لقياس ضغطي، وكان مرتفعا قليلا، وهذه الحالة كانت تأتيني في الليل فقط، وبعد ظهور هذه الحالة بعد ولادتي بدأت معاناتي فلم يعد في فكري إلا الضغط وقياسه، وفي النهار يكون طبيعيا، فأصبحت أعامل نفسي كأني مريضة ضغط، انقطعت عن الأكل تماما لعدة أيام، كنت أتناول السوائل فقط حتى يتهيأ لي أن الأكل سيؤذيني، وأبقى مستلقية طوال الوقت حتى ابنتي لم أعد أهتم بها، وبعدها قررت التغلب على نفسي، فانقطعت تماما عن قياس الضغط، وأقلعت عن تناول الثوم، فكنت أتناوله لغرض خفض الضغط، ومع الوقت ذهبت هذه الحالة، وأصبحت أجلس مع الناس، ورغم تقصدي لكثرة الضحك إلا أنه تأتيني أفكار أنه سيحدث لي شيء في لحظة حتى وأنا أشارك بالحديث، فالأفكار لا تذهب.

أصابني ألم خفيف بالرأس في كل مرة يكون بمكان محدد، ويذهب إلى أن أختفى تماما، وبدأت أراقب جسدي طيلة الوقت لألاحظ إن حدث أي تغيير أصابني، فأحيانا تحدث آلام بسيطة بجسدي، وحتى بصدري والتي في صدري وخصوصا في جهة اليسار كانت ترعبني، وفي كل مرة تأتي هذه الآلام بمكان مختلف وتذهب، وأصبح أي عارض طبيعي بالجسم يخيفني ويتهيأ لي أنه مرض، أو أنني سأقع على الأرض، وإلى الآن أنا أمر بهذه الحالة، ولا أجد الراحة أغلب الأوقات إلا بعد منتصف الليل، فأشعر كأنني كنت أبكي بشدة، وارتحت رغم عدم بكائي، وأهتم بابنتي كأني لأول مرة أراها، أتمنى أن أبقى كذلك، وأريد التخلص من هذه الأفكار والعودة لحالتي الطبيعية، وحتى أفكاري اشتقت لها أريد أن أخرج أفكار المرض مني، تعبت جداً!

أرجو المساعدة فأنا أعرف أنها أوهام، لكن عند دخول هذه الأفكار لرأسي لا أستطيع السيطرة عليها رغم محاولة تجاهلي لها، وأريد أن أعرف، هل تحسن حالاتي من علامات الشفاء؟ وهل سأشفى تماماً بإذن الله؟

مع العلم أني أود لو أذهب لطبيب، ولكن ليس باستطاعتي الذهاب، ولكن عندي الإرادة القوية لأشفى.

ملاحظة :( في حملي كنت دائما قلقة على الحمل، وإذا أردت أكل أي شيء أقرأ عنه في النت لأرى ما فائدته لي أو هل يضر )؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Farah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
كما تفضلت فإن البناء النفسي لشخصيتك يظهر أنه قائم أصلاً على شيء من القلق، وهذا ليس مرضًا، إنما هي ظاهرة، مثل أن يُوجد أشخاص لديهم برود شديد في شخصياتهم يوجد مَن هم لديهم شيء من القلق، والإنسان القلق قلقًا زائدًا قد يكون عُرضة للمخاوف وللوساوس وحتى للاكتئاب.

فترة الحمل قطعًا فترة فيها ضغوط على الحامل، خاصة إذا كان هنالك مكوّن قلقي في شخصيتك – كما ذكرنا – وبعد ذلك – أي بعد الوضع – ظهرتْ لديك هذه الأعراض النفسوجسدية ذات الطابع القلقي والوسواسي، وهذه معروفة أيضًا بالهشاشة النفسية؛ لأن هناك تغيرات هرمونية كثيرة تحدث.

لكن أعتبرُ حالتك حالة عابرة -إن شاء الله تعالى- فكوني إيجابية، كوني شخصية متيقّنة أنه ليس لديك علَّة أساسية، وحاولي دائمًا أن تزوّدي نفسك بالفكر الإيجابي كبديل للفكر السلبي، أكثري من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم والاستغفار، واهتمّي بطفلك، كوني دائمًا متفائلة، وأحسني إدارة وقتك.

وحقيقة: أنا أرى أيضًا أنه سيكون من الأفضل لك أن تتناولي أحد مُحسِّنات المزاج البسيطة، حتى لا يتحوّل الأمر إلى اكتئاب نفسي؛ لأن اكتئاب النفاس قد يحدث حتى بعد ستة أشهر من الولادة، كلامي هذا كلام تحوطي، ولا تنزعجي له.

أفضل دواء في هذه المرحلة هو عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت) حيث إنه سليم، حتى بالنسبة لإرضاع الطفل.

إن رأيت كلامي هذا مناسبًا يمكنك أن تبدئي في تناول الزولفت بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا – يوميًا، واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الزولفت دواء بسيط وعلاج سليم، وهذه الجرعة التي وُصفتْ وكُتبتْ لك هي جرعة صغيرة جدًّا، حيث إن الجرعة الكلِّية مائتي مليجرام في اليوم، لكن وصفنا لك خمسين مليجرامًا فقط.

هذا هو الذي أودُّ أن أنصحك به، وأرجو أن تكوني دائمًا في جانب التفاؤل، وأن تكوني حسنة التوقعات، وافرحي بما وهب الله لكم المولود (بُورك لكم في الموهوب، وشكرتم الواهب، وبلغ أَشُدَّه، ورزقتم بِرَّه، وأقرَّ أعينكم به).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً