الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أعد أكترث لما حولي وأحس بثقل رأسي.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله، أسعد الله أوقاتكم بكل خير.

أود أن أشكر جميع القائمين على هذا الموقع الجميل بارك الله فيكم.

لقد سبق لي منذ مدة طرح استشارة نفسية لي، الحمد لله الآن تخلصت من نوبات الهلع، ولكن ظهرت عندي أعراض متعبة حقا، تتمثل في أن العالم أصبح يبدو غريبًا بالنسبة لي والألوان التي أراها تبدو لي باهتة مما يسبب لي توترا مرفقا بصداع يتمركز فوق أذني شعور مزعج حقا وفوق الرقبة، بالإضافة إلى أني لا أستطيع الخروج من المنزل إذا خرجت أرغب في العودة مباشرة، وعندما أكون مع أصدقائي أشعر بأني لست مرتاحا، وأحس كأني سيغمى علي، مع ضعف في التركيز حتى أنه أثر ذلك على دراستي بحيث كنت متفوقا سابقا.

أما الآن فأجد صعوبة في المذاكرة مع رغبة شديدة في النوم، أشعر كأني مجنون أو مختلف عن الآخرين وردة فعلي تكون متأخرة في اتخاد القرارات ولم أعد أكترث لما حولي مما يجعلني أتوتر أكثر فأكثر، وأحس برأسي ثقيل كأن بيني وبين عقلي حاجزا أو سرابا، هل هذا لا يدعو للقلق؟ إضافة إلا أنه لا يوجد طبيب نفسي في المنطقة التي أسكن فيها، وأتمنى أنني وفقت في سرد الأعراض ووصفها بشكل دقيق.

بارك الله فيكم، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، ولك بالفعل استشارة سابقة أجاب عليها الدكتور عبد العزيز أحمد عمر بتاريخ 18/4/2019، وهي كانت عن نوبات الهلع، ورقم تلك الاستشارة هو (2407587).

أخي الكريم: أنت الآن الحمد لله تعالى كما تفضلت قد تخلصت من نوبات الهلع بصورة جيدة، والذي ظهر عندك الآن هو هذا الشعور بالتغرُّب – أو ما يُسمَّى باضطراب الأنّية – من الدرجة البسيطة، يُضاف إليه أنه لديك شيء ممَّا نسميه برهاب الساحة، حيث إنك تحسّ بالأمان أكثر في البيت، وحين تخرج تجد بعض الصعوبات النفسية، وتُحبِّذ الرجوع إلى البيت، كما أنك لا تكون مرتاحًا في وجودك مع أصدقائك، وهذا قد يكون فيه شيء من الرهاب الاجتماعي البسيط.

أيها الفاضل الكريم: لا تنزعج لهذه المسميات، أنت لا تعاني من أمراض متعددة، كل الأمر يتمركز حول قلق المخاوف، وليس أكثر من ذلك، وقلق المخاوف قد يظهر في صور إكلينيكية مختلفة، وقد تختفي أعراض وتأتي أعراض أخرى، مثلاً: أنت فيما مضى كانت لديك نوبات الهلع وقد تخلصت منها، ونوبات الهلع هي نوع من قلق المخاوف، وطبعًا الهلع هو أشدّ هذه النوبات، بعد ذلك ظهرتْ لديك هذه الأشياء البسيطة: شيء من اضطراب الأنّية، وقليل من رهاب الساحة والرهاب الاجتماعي، وهي كلها في بوتقة واحدة، بوتقة (قلق المخاوف).

أنت إن شاء الله بخير، وكما تخلصت من الهلع سوف تتخلص من هذه الأعراض، أهم شيء هو أن تُحقّر فكرة الخوف، وأن تُحقّر تمامًا فكرة أنك يجب أن ترجع إلى البيت بسرعة، أو أنك لا ترتاح مع أصدقائك، هذا الفكر يجب أن تُحقّره، ويجب أن ترفضه، ويجب أن تقوم بفعل ما هو ضدَّه.

وأنا أنصحك نصيحة هامّة جدًّا، وهي: أن تحرص على القيام بالواجبات الاجتماعية، هذا يُمثِّلُ علاجًا جوهريًّا لأعراضك هذه، والواجبات الاجتماعية طبعًا هي: زيارة الأهل، تلبية الدعوات – الأفراح – زيارة المرضى، تقديم واجبات العزاء، الخروج من أجل الترفيه الجيد مع بعض الأصدقاء، الصلاة مع الجماعة في المسجد، ممارسة رياضة جماعية ككرة القدم. هذه – يا أخي – فيها واجبات اجتماعية، وفيها سُبل للصِّلات الاجتماعية.

فيا أخي الكريم: هذا هو خط العلاج الأول في حالتك، ويجب أن تجبر نفسك على ذلك، وحتى تتخلص من موضوع الرغبة في النوم الشديد والتكاسل وضعف التركيز؛ هنا يجب أن تنظم وقتك، وأوّل خطوات تنظيم الوقت هي: أن تنام مبكِّرًا ليلاً، وتتجنّب النوم النهاري، النوم الليلي المبكّر يُؤدّي إلى ترميم تام في خلايا الدماغ وخلايا الجسد، ويستيقظ الإنسان نشطًا، ويُؤدّي صلاة الفجر في وقتها، وبعد ذلك يكون في حفظ الله ورعايته، وينطلق في الحياة بصورة إيجابية، أن تُذاكر في الصباح، أن تُمارس بعض التمارين الرياضية، و... وهكذا.

إذًا يا أخي: هذه هي الخطوات العلاجية الرئيسية، بجانب ذلك أنصحك بأن تتناول عقار يُسمَّى تجاريًا (سيبرالكس) ويُسمَّى علميًا (اسيتالوبرام)، والذي كان نصحك به الدكتور عبد العزيز، دواء رائع جدًّا لكل هذه الأعراض التي ذكرتها، ابدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين آخرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً