الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العربية هي اللسان الأول

السؤال

لماذا معظم أسماء الملائكة باللغة العبرية؟ أرجو الرد على ما يقوله اليهود بأن لغة الملإ الأعلى وأهل السماء هي اللغة العبرية، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فجواب السؤال الأول يعتمد على تصور العلاقة بين العربية والسريانية والعبرية كلغات ذات أصل واحد، وهو السامية وما هو السابق من هذه اللغات ليعتبر هل هو الأصل وغيره فرع عنه؟ وهذا من البحوث الدقيقة الشائكة التي أثار حولها بعض المستشرقين كثيرا من الأوهام، وساقوها على أنها حقائق تاريخية وعلمية، وهي ليست كذلك، والمؤسف في هذا أن بعض المفسرين واللغويين من المسلمين قد أسهم في تقرير ذلك، قال الدكتور جواد علي في المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام: ذهب بعض علماء العربية إلى أن العربية هي اللسان الأول، هي لسان آدم، إلا أنها حُرّفت ومُسِخَت بتطاول الزمن عليها، فظهرت منها السريانية، ثم سائر اللغات، قالوا: كان اللسان الأول الذي نزل به آدم من الجنة عربيًّا، إلى أن بَعُد العهد وطال، فحُرِّف وصار سريانيًّا، وهو يشاكل اللسان العربي إلا أنه محرف، وقد أدركوا ما أدركه غيرهم من وجود قرابة وصلة بين العربية وبين السريانية فقال المسعودي: وإنما تختلف لغات هذه الشعوب ـ أي شعوب جزيرة العرب ـ من السريانيين اختلافًا يسيرًا.. اهـ.

والمجال هنا لا يصلح لتفصيل هذا المبحث، فنحيل السائل على بحث للدكتور الفاضل: مساعد الطيار بعنوان: الدخيل من اللغات القديمة على القرآن.

وهناك كذلك مشاركة مفيدة للدكتور عبد الله الشهري في ملتقى أهل التفسير حول السامية: تصرفات بعض الأئمة تساهم في إخفاء مكانة العربية وعتاقتها وتجد فيها تفسير أسماء الملائكة عربياً.

وأما السؤال الثاني عن كون العبرية هي لغة الملأ الأعلى، فهذا محض تقول بغير دليل ولا مستند، وقد نص كثير من أهل العلم على أن لغة أهل الجنة هي العربية، ومع ذلك فلا داعي ولا ضرورة لبحث هذه المسألة، ويمكن أن نقول ما قاله ابن حزم في الإحكام: قد أخبرنا أنه لم يرسل رسولا إلا بلسان قومه.. فبكل لغة قد نزل كلام الله تعالى ووحيه، وقد أنزل التوراة والإنجيل والزبور وكلم موسى عليه السلام بالعبرانية، وأنزل الصحف على إبراهيم عليه السلام بالسريانية فتساوت اللغات في هذا تساويا واحدا، وأما لغة أهل الجنة وأهل النار فلا علم عندنا إلا ما جاء في النص والإجماع، ولا نص ولا إجماع في ذلك. اهـ.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية: بماذا يخاطب الناس يوم البعث؟ وهل يخاطبهم الله تعالى بلسان العرب؟ وهل يصح أن لسان أهل النار الفارسية وأن لسان أهل الجنة العربية؟ فأجاب: الحمد لله رب العالمين، لا يعلم بأي لغة يتكلم الناس يومئذ ولا بأي لغة يسمعون خطاب الرب جل وعلا، لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهنميين ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدي، ولا نعلم نزاعا في ذلك بين الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بل كلهم يكفون عن ذلك، لأن الكلام في مثل هذا من فضول القول .. ولكن حدث في ذلك خلاف بين المتأخرين .. وكل هذه الأقوال لا حجة لأربابها لا من طريق عقل ولا نقل، بل هي دعاوى عارية عن الأدلة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني