الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صلت في ثياب ثم رأت عليها آثار دم

السؤال

بعد اغتسالي من الحيض بدلت بعض ملابسي التي يغلب إصابتها بالدم، ولم أبدل باقي ملابسي، ثم بعد أيام قليلة، وعند تبديلي لملابسي بأخرى اكتشفت أن قطعة من ملابسي التي خلعتها بها نقاط دم، ولا أعلم كيف لم أنتبه لها من البداية، ولكن الحاصل أني صليت فيها العديد من الصلوات وهي بها دماء قليلة من الحيض، فهل أحسب تلك الصلوات وأعيدها؟ أم هذا من المعفو عنه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا يلزمك إعادة الصلوات لو صليت بثياب متنجسة، وأنت لا تعلمين بوجود النجاسة، وانظري التفصيل في الفتوى رقم: 316249، والفتوى رقم: 123577.

وإن كنت تعنين أنك غسلت تلك الثياب، ولكن بقي لون الدم ولم تعلمي ببقائه، فاعلمي أنه لا يضر بقاء لون دم الحيض بعد غسله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لخولة: يكفيك الماء، ولا يضرك أثره. أخرجه البخاري.

جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ إِزَالَةَ لَوْنِ النَّجَاسَةِ إِنْ كَانَ سَهْلاً وَمُتَيَسِّرًا، وَجَبَ إِزَالَتُهُ؛ لأِنَّ بَقَاءَهُ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ تَعَسَّرَ زَوَال اللَّوْنِ، وَشَقَّ ذَلِكَ، أَوْ خِيفَ تَلَفُ ثَوْبٍ، فَإِنَّ الْمَحَل يَطْهُرُ بِالْغَسْل، وَلاَ يَضُرُّ بَقَاءُ اللَّوْنِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هَرِيرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ، قَال: إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ، ثُمَّ صَلِّي فِيهِ، قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ يَخْرُجِ الدَّمُ؟ قَال: يَكْفِيكِ غَسْل الدَّمِ، وَلاَ يَضُرُّكِ أَثَرُهُ.

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَهُمْ قَوْلاَنِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ يَعْسُرُ زَوَال النَّجَاسَةِ أَوْ لاَ يَعْسُرُ زَوَالُهَا، وَالأْرْجَحُ عِنْدَهُمُ: اشْتِرَاطُ زَوَال اللَّوْنِ، مَا لَمْ يَشُقَّ، كَمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلاَ يَجِبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ اسْتِعْمَال أُشْنَانٍ، وَلاَ صَابُونٍ، وَلاَ تَسْخِينُ مَاءٍ لإِزَالَةِ اللَّوْنِ أَوِ الرِّيحِ الْمُتَعَسِّرِ إِزَالَتُهُ، لَكِنْ يُسَنُّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلاَّ إِذَا تَعَيَّنَ إِزَالَةُ الأْثَرِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ اسْتَعْمَل فِي زَوَال الأْثَرِ شَيْئًا يُزِيلُهُ -كَالْمِلْحِ، وَغَيْرِهِ- فَحَسَنٌ ... اهــ

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني