الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تداوي المرأة عند الرجل غير المسلم

السؤال

سؤالي لفضيلتكم: أنا فتاة أصبت في شعري ببداية صلع، وأصبح الجزء الأمامي من فروة الرأس يكاد يكون أصابه الصلع تماماً، وكانت الحالة تزداد سوءاً بمرور الأيام. وقبل أن أصل لتلك الحالة، ذهبت إلي طبيب جلدية، وطلب مني شراء أدوية معينة، وقال لي: سيتم عمل جلسات على شعرك بنوع معين من الحقن، كل فترة معينة. المهم أنني أخذت أدويته، ولكن لم أشعر بأي تحسن؛ فبالتالي فقدت الثقة به، ولم أذهب لأخذ الحقن التي نصحني بها، وأهملت شعري. ثم ذهبت بعد فترة إلى طبيب آخر، وأيضاً علاجه لم يأت معي بأي نتيجة، ولم أذهب لأي طبيب مرة أخرى. إلي أن نصحتني صديقتي منذ عدة أشهر عندما رأت حالتي الصعبة، بالذهاب إلي طبيب متخصص بتلك الحالات، وعالج حالتها التي كانت مماثلة ولو بجزء بسيط من حالتي. وبالفعل ذهبت إليه، وبفضل الله بالطبع أولاً، ثم أخيراَ أصبحت أفضل بكثير جداً، ولكن ما زالت أمامي فترة لإنهاء وإتمام علاجي تقارب السنة والنصف.
السؤال هو: أن هذا الطبيب مسيحي وليس بمسلم، وعندما أذهب إليه يضع لي علاجاً في فروة الرأس، ويكون مرتدياً قفازاً بلاستيكياً فيقوم بفرك فروة رأسي كلها، وبالطبع يمسك شعري ويلمسه، مع العلم أني أذهب دائماً مع والدتي وتكون حاضرة معي.
فهل علي ذنب في الذهاب إليه؟ وأن الأولى الذهاب إلي طبيبة جلدية مثلاً بدلاً منه!؟ أم أداوم على الذهاب إليه؛ لأني مضطرة لذلك، ولأن النتيجة بالفعل -ولله الفضل والحمد أولاً وأخيراً- جيدة جداً، ويلاحظها الجميع. مع العلم أن الأدوية التي أضعها على شعري لا يمكن توقفها هكذا بدون علم الطبيب، وبدون تقليل الجرعة بنصيحته شيئاً فشيئاً؛ لأنها ستُحدث نتيجة عكسية.
فما نصيحتكم لي -بارك الله فيكم- فأنا في حيرة شديدة من أمري!
مع الوضع في الاعتبار أيضاً أن تكلفة الحقن التي يعطيني إياها -غير متأكدة- من الممكن أن تكون في أي مكان آخر بتكلفة أعلى مما يأخذ هو!
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمرأة لا يجوز لها التداوي عند طبيب ولو كان مسلما، إن وجدت امرأة تقوم بذلك ولو كانت كافرة، فتقدم المرأة على الرجل، ويقدم المسلم على غير المسلم.

جاء في قرار لمجمع الفقه الإسلامي بخصوص موضوع مداواة الرجل للمرأة: الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة، يجب أن تقوم بالكشف على المريضة، وإذا لم يتوافر ذلك، فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة، فإن لم يتوافر ذلك، يقوم به طبيب مسلم، وإن لم يتوافر طبيب مسلم، يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم، على أن يطّلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته، وألا يزيد عن ذلك، وأن يغض الطرف قدر استطاعته، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم، أو زوج، أو امرأة ثقة خشية الخلوة. اهـ.

فالأمر إذن على هذا الترتيب، فإن أمكنك أن تجدي طبيبة خبيرة يمكنها مداواتك، وجب عليك ترك هذا الرجل، فإن لم تجدي امرأة فطبيب مسلم من ذوي الخبرة، وإلا جاز لك الاستمرار مع هذا الطبيب غير المسلم.
وما ذكرت من أمر تكلفة العلاج، فإنه لا اعتبار له، إلا إذا كان الفرق كبيرا بحيث يضر بمالك، وانظري الفتوى: 14083.

ولا يجوز للطبيب أن يرى من المرأة، أو يلمس إلا ما تدعو إليه الضرورة أو الحاجة، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 8107.

وقولك: (مع العلم أن الأدوية التي أضعها على شعري لا يمكن توقفها هكذا بدون علم الطبيب... الخ)

نقول تعليقا عليه: إننا لا نظن أنه يتعين فيه هذا الطبيب، إذ يمكن أن يكون الإشراف على ذلك عن طريق غيره. وإن تعينت المتابعة عنده، فنرجو أن لا حرج -إن شاء الله- دفعا للضرر عن نفسك، ففي الحديث الذي رواه أحمد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني