الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يقبل الله توبة الزاني إذا صدق وكانت توبته نصوحا

السؤال

أنا سيدة في الثلاثين من العمر كنت في سن العشرين أثناء الكلية على علاقة بشاب وقد أحببته كثيراً وقد حدثت بيننا خلوه أرتكبت معه ذنبا كبيراً مع العلم أنني لم أفرط في شرفي بمعنى أنني لم أرتكب الزنا كاملا وحافظت عل نفسي بعد ذلك علمت أنه على ارتباط بفتاة أخرى بعد ذلك تزوج بها ولقد عانيت فترة كبيرة حتى أنساه بعد ذلك تقدم لي عريس أخر على خلق ومستوى اجتماعي جيد وقد وافقت عليه وتم الزواج وعشت معه حياة سعيدة وكان هذا الشاب على اتصال بي فقط لكى يطمئن علي ولأنه حاسس بالذنب تجاهي لأنه كان على اتفاق مع الفتاة التي تزوجها ومع أهلها قبل أن يتعرف علي فى الكلية ولكني بعد ارتباطي بهذا العريس تحجبت وألتزمت وتزوجته وأنجبت طفلا وتبت إلى الله وشكرته على كل هذه النعمة وكنت أقيم الصلاة والصيام وتقربت إلى الله وبعد مرورعامين سافر زوجي للعمل في دولة من دول الخليج وطلب مني أن أقيم عند والدتي طوال سفره لمدة عامه الأول على أن يرتب لنا الحياة الكريمة والمسكن وكان هذا الشاب على اتصال بي ولكني لم أخبره عن سفر زوجي حتى لا أضعف وأن يطلب مني أن أقابله وبعد فترة أخبرته لأنه عرف من كلامي أني أخفيت عليه أن زوجي مسافر وطلب مني أن أراه وفعلا قابلته ولكني ضعفت ووقعت معه فى الخطيئة لأن الزنا وأنا متزوجة ذنب كبير عن ما فعلته أثناء الكلية قبل أن أتزوج أنا أعرف أن هذا حرام كبير ولكن أنا لا اعرف ماذا أفعل لأني ضعيفة أمام هذا الشاب ولا أستطيع أن أقول لا أنا أثناء سفر زوجي تعرضت لمواقف للرجال سواء في مجال العمل أو الأسرة أو المنطقة لكي يكونوا معي علاقات آثمه كان وراءها أغراض سيئة وطمع في لأنني متزوجة وزوجي خارج البلد لكني كنت أرفض بعنف وألوم عليهم طلبهم مني لإقامة علاقة آثمه معهم ولقد جاءت علي فترة كرهت فيها نفسي والحياة وبعد مرور10 أشهر من السنة ولقد اقترب موعد وصول زوجي أحسست بذنب كبير تجاهه وأحسست بخجل من الله على ما فعلت من ذنب وندمت وتبت إلى الله توبة نصوحا وطلبت منه العفو والمغفرة لأنني كنت قد تبت قبل ذلك وندمت لأنني رجعت إلى هذا الذنب مرة أخرى وأنا الآن قد سافرت مع زوجي إلى دولة الخليج ولكني غير قادرة على أن أنسى هذا الذنب ولا قادرة أكمل توبتي أمام الله كل ما ألتزم في حياتي أحس انني مذنبة وغير راضية عن نفسى وأحس أنني أخدع زوجي لأنه متمثل في الطهارة والشرف وأنا والله من غير هذا الذنب إنسانه جيدة ملتزمة في ملابسي ومن عائلة كريمة وأقيم الصلاة وعلاقتي بكل الناس جيدة وعمري ما أسأت إلى أحد لولا هذا الذنب ولأنني ضعفت أيضا لأن زوجي سافر لمدة عام كامل ولذلك ضعفت السؤال الآن: وهو ليس بسؤال هى مساعدة إنسانية: اتمنى أن يهدأ الرد نفسي و يساعدنى على هذه المحنة فأنا دائمة البكاء لعدم الرضا عن النفس وأتمنى الموت لأنني غير قادرة على خداع زوجي أكثر من ذلك وأنا ربنا سترني غير قادرة أن أحكي لأحد لكي يساعدني على أن أرجع لنفس الحياة السعيدة مرة أخرى من فضلكم ساعدونى أنا تائبة إلى الله لكن في أوقات أفكر في الذنب أرجع عن طريق الهداية بعد أن هداني الله و حياتي غير مستقرة لا أدري ماذا أفعل؟
من فضلكم يرجى الرد علي في أسرع وقت حتى أقبل على رمضان بقلب مطمئن.
وجزاكم الله عن مساعدتى خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن اختلاءك بهذا الرجل الأجنبي، وممارستكما للزنا من أشنع المحرمات، وأعظمها قبحاً، ويزداد قبح الزنا وتغلظ عقوبته في حق المتزوج أكثر من غيره، لكن نحمد الله واحمديه أن منّ عليك بالتوبة، واعلمي أن من لوازمها قطع الصلة بهذا الشاب أو غيره من الرجال الأجانب، والندم على ما فات، وعقد العزم على عدم العود إلى مثل هذا الذنب، فإن كانت توبتك على هذا النحو فأبشري بفضل الله تعالى حيث إنه وعد التائبين بقبول توبتهم بالغة ذنوبهم ما بلغت، فقال سبحانه وتعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.

وأخرج الترمذي وغيره، وصححه الألباني عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: يابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي.

ومما يقوي هذه التوبة كثرة الأعمال الصالحة وملازمة مراقبة الله تعالى في السر والعلن وصحبة الخيرات وقراءة سير الصالحين والتأسي بهم والحذر من المعاصي وصحبة أهلها.

هذا وننبهك إلى أمرين مهمين:

1/ أنه لا يجوز لك أن تبوحي بهذا الذنب لأحد، بل عليك أن تستتري بستر الله، لما في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: .... أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله.

2/ أن هذا الفعل، وإن كان شنيعاً إلا أنه لا ينبغي أن يفسد علاقتك بزوجك، وهو لا يؤثر على صحة زواجكما في قول كافة العلماء، كما نص عليه ابن قدامة في المغني بقوله: وإن زنت امرأة رجل أو زنى زوجها لم يفسخ النكاح، سواء كان قبل الدخول أو بعده في قول عامة أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني