الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المال المكتسب من بيع الخمر لغير المسلم

السؤال

شاهدت في إحدى القنوات امرأة سألت وقالت: زوجي مقيم في دولة أوروبية وعنده محل يبيع لحم خنزير وخمر والآن أنا مطلقة منه ويرسل لي نفقة لأنفقها على ولديه، فهل حلال أم حرام النفقة التي يرسلها، فرد الشيخ وقال: حلال واستند على مذهب الإمام أبي حنيفة وقال إن المسلم إذا باع الخمور إلى غير المسلم حلال، وللمسلم حرام وزوج السيدة يعيش في بيئة غير مسلمة ويجب أن يعيش واستند لحديث -في ما معناه- أنه كان هناك شخص اسمه ركانة كافر يلعب مصارعة أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يلاعبه مصارعة فوافق النبي بشرط أن يلعب على ثلث ماله فوافق فلعبوا ففاز النبي وقال ألاعبك ثانياً فقال النبي على ثلث مالك ففاز النبي فلعبوا ثانياً ففاز النبي فأسلم ركانة في الحال وفي هذا قال العلماء إنها صفقة قمار، ولكن النبي كان ما معناه أنه أراد أن يجعله يسلم ولكن بطريقته مثلما يبيع المسلم الخمور في بلاد لا تحرمها، أفيدونا فعلا هل يجوز للمسلم بيع الخمر إلى غير المسلم والعكس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما نُسب في السؤال لأبي حنيفة هو مذهبه، ومذهب صاحبه محمد بن الحسن، وخالفه صاحبه الآخر أبو يوسف، كما في تبيين الحقائق للزيلعي: وكذلك إذا تبايعاً بيعاً فاسداً في دار الحرب فهو جائز عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف والشافعي: لا يجوز، لأن المسلم التزم بالأمان أن لا يمتلك أموالهم إلا بالعقد، وهذا العقد وقع فاسداً فلا يفيد الملك الحلالً. انتهى.

فبناء على هذا يكون ما ذكره الشيخ الذي سمعته صحيحاً، والذي نُرجحه في الشبكة هو رأي الجمهور الذي يجعل مثل هذا الكسب حراماً على مكتسبه، والمال الذي يكون عوضاً لبيع الخمر لا يأخذ حكم المغصوب أو المسروق، فلا يجب رده لمن بذله ثمناً للخمر، بل يجب على مكتسبه التخلص منه في مصالح المسلمين، ويجوز للدائن أن يستوفي دينه من هذا المال في الراجح من أقوال أهل العلم لأن الأموال التي حازها المسلم (المدين) بطريق حرام ولم يُعرف لها مالك بعينه، تثبت المطالبة بها في ذمة من حازها لا في ذات المال، فيجوز لمن له حق في ذمته أن يستوفيه من هذا المال لعدم حرمته في ذاته، ويدخل في هذا ما قضي به عليه من نفقة واجبة، وقد بينا ذلك مستوفى مع ذكر خلاف الفقهاء فيه في الفتوى رقم: 38776.

أما عن قصة مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم لركانة المطلبي، فلم نطلع عليها بالسياق المذكور في السؤال، وإنما كانا يتفقان على شاة بشاة عند كل مصارعة، كما أخرج ذلك أبو داود والترمذي وهو حديث حسن، انظر غاية المرام للشيخ الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني