الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إزالة النجاسة في المذهب المالكي

السؤال

قرأت في كتاب فقه للمذهب المالكي أن ((الطهارة في الصلاة من النجاسات غير المعفو عنها؛ واجبة وشرط في صحتها مع الذكر والقدرة ساقطة مع العجز والنسيان، وهذا القول هو المشهور، وهناك قول ثان غير مشهور وهو أن إزالة النجاسة عن بدن المصلي وثوبه ومكانه سنة لا واجب، وعليه فلو صلى شخص في مكان فيه نجاسة متعمدا فصلاته باطلة ويعيدها أبدا على القول المشهور، وهي صحيحة على القول الثاني لكن يعيدها استحبابا في الوقت)) فما قولكم في هذا، وهل هو مطابق للفقه المالكي ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكره الأخ السائل من الخلاف في حكم إزالة النجاسة هل هو واجب أو سنة؟ موافق لما هو مقرر في الفقه المالكي ، فعلى القول بالوجوب فمن صلى بالنجاسة عامداً أعاد أبداً، ومن صلى بها ناسياً أو عاجزاً أعاد في الوقت وهذا القول مشهور؛ وهو وجوب إزالة النجاسة بشرط الذكر والقدرة ، أما على القول بالسنية فقد اختلف الفقهاء فيمن صلى بها عامداً، فالقرطبي يرى أنه يعيد في الوقت مثل حالة العجز والنسيان، وابن رشد يرى أنه يعيد أبداً ، قال في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني عند قول المؤلف: وطهارة البقعة للصلاة واجبة وكذلك طهارة الثوب، فقيل إن ذلك فيهما واجب وجوب الفرائض ، وقيل وجوب السنن المؤكدة ، وعليه فإن صلى بثوب نجس أو في بقعة متنجسة بطلت صلاته ويعيدها أبداً مع العمد ولو جاهلاً وفي الوقت مع العجز والنسيان ، وهذا القول ظاهر المدونة وصدر به خليل وصرح غير واحد بمشهوريته واقتصر عليه ابن القصار ،،،،، إلى أن قال ( وقيل ) المراد بالوجوب فيهما ( وجوب السنن المؤكدة ) أي الطلب المتأكد لا أنه يأثم بتركه ، ويكون عبر بالوجوب مجازاً لاشتراك الفرض والسنة في مطلق الطلب ، وهذا القول شهره ابن رشد لأنه قول ابن القاسم ، ورواه عن مالك . انتهى

وقال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي بعد أن ذكر الخلاف في هذه المسألة ( وبعد هذا فاعلم أن ابن رشد له طريقة والقرطبي له طريقة, فالقرطبي يقول على القول بالسنية يعيد المصلي بالنجاسة في الوقت فقط سواء كان ذاكراً أم لا, قادراً على الإزالة أو عاجزاً ، وابن رشد يقول على القول بالسنية يعيد العامد القادر أبداً وجوباً, والعاجز والناسي في الوقت ، فمن قال : إن الخلاف لفظي فقد نظر لطريقة ابن رشد ، ومن قال : إنه حقيقي فقد نظر لطريقة القرطبي ) انتهى .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني