الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عبد الرحمن المُعَلِّمي .. المحدث القاضي

عبد الرحمن المُعَلِّمي .. المحدث القاضي

عبد الرحمن المُعَلِّمي .. المحدث القاضي

ولد الشيخ أبو عبد الله عبد الرحمن بن يحيى بن علي بن محمد المُعَلِّمي العتمي اليماني في أواخر سنة 1312هـ، بقرية تقع في ضواحي صنعاء باليمن، واشتهر بالمُعَلِّمي نسبة إلى "بني المعلم".

نشأ بين أبوَين صالحَين، وأتم حفظ القرآن في سن مبكرة، ثم تعلم التجويد والحساب والنحو والفقه والفرائض، وكان من مشايخه: شقيقه محمد بن يحيى المعلمي، والفقيه العلامة أحمد بن محمد بن سليمان المعلمي، وأحمد بن مصلح الرّيمي.

تلقى علومه الأولى باليمن وتنقل بين المدن اليمنية طالباً للعلم، ثم ارتحل إلى جيزان سنة 1336هـ فولاه محمد الإدريسي -أمير عسير آنذاك- رئاسة القضاء، وظل قاضيا بها حتى توفي الأمير محمد الإدريسي سنة 1341هـ، فرجع الشيخ المعلمي إلى عدن ثم ارتحل إلى الهند فعُين في دائرة المعارف العثمانية مصححا لكتب الحديث وعلومه وغير ذلك من كتب الأدب والتاريخ، فبقي فيها مدة تقارب ثلاثين سنة، ثم عاد إلى مكة المكرمة سنة 1371هـ، فعين أميناً لمكتبة الحرم المكي، فبقي فيها أربعة عشر عاما يعمل في خدمة رواد المكتبة من طلاب العلم، حتى وافاه الأجل.

مناقبه وثناء العلماء عليه

أثنى عليه عدد كبير من معاصريه من أهل العلم والفضل، ووصفه غير واحد منهم بالعلامة المحقق المحدث القاضي، ومن هؤلاء العلماء المثنين عليه: الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، حيث وصفه بالعالم خادم الأحاديث النبوية، وكذا أثنى عليه الشيخ أحمد شاكر والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، والشيخ محمد حامد الفقي والشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

وقد لقّبه محمد الإدريسي بـ"شيخ الإسلام"؛ لما كان يتحلى به الشيخ من العلم والزهد والورع، وقال عنه الشيخ بكر أبو زيد: "ذهبي عصره العلامة المحقق..".

وقفات مع سيرته

أهم ما يمكن أن نقف عليه في حياة الشيخ عبد الرحمن المُعَلِّمي - رحمه الله -:

- تواضعه وزهده وورعه: كان الشيخ المُعَلِّمي متواضعًا رقيق الحال زاهدًا ورِعًا، يقول عنه الأستاذ الطناحي: "وكان الشيخ فيما وُصف لنا متواضعا، رقيق الحال، حدثني الأستاذ فؤاد السيد -أمين المخطوطات بدار الكتب المصرية- قال: كنت في أثناء الحج أتردد على مكتبة الحرم المكي، لرؤية المخطوطات وزيارة مدير المكتبة المرحوم الشيخ سليمان الصنيع، وكان بين الحين والآخر يأتي إلينا رجل رقيق الحال، يسقينا ماء زمزم، وبعد يومين طلبت من الشيخ الصنيع رؤية الشيخ عبد الرحمن المعلمي، فقال: ألم تره بعد؟ أليس يسقيك كل يوم من ماء زمزم؟ يقول الأستاذ فؤاد: فتعجبت من تواضعه ورقة حاله، مع ما أعرفه من علمه الواسع الغزير".

- محافظته على وقته: كان الشيخ المُعَلِّمي يقضي جميع وقته في طلب العلم والتحصيل، يقول عنه العلامة محمد بهجة البيطار رحمه الله: "..ولم يتفق لي أن دخلت المكتبة بمكة المكرمة مرّة إلا ورأيته محافظاً على الوقت مكبًّا على العلم -رحمه الله تعالى-: هكذا هكذا وإلا فلا طرق الجد غير طرق المحال".

وفاته

تُوفّي الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المُعَلِّمي على سريره والكتاب على صدره صباح يوم الخميس السادس من شهر صفر سنة 1386 من الهجرة النبوية الشريفة، وله من العمر أربعٌ وسبعون سنة، وصُلِّي عليه في المسجد الحرام، وحضر جنازته خلق كثير من الفضلاء والوجهاء، رحمه الله رحمة واسعة.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة