الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بابا الفاتيكان .. بين التعصب وغياب الموضوعية

بابا الفاتيكان .. بين التعصب وغياب الموضوعية

ما حدث من بابا الفاتيكان تجاه إسلامنا العظيم، ونبينا الكريم يدل دلالة واضحة على عدم إنصافه للإسلام الذي جاء لهداية العالمين من الإنس والجن، وأخرج البشرية من التيه والظلم والتخلف إلى الاستقرار والأمن والرقي، كما ينم عن عدم معرفته بشخص النبي الكريم الهادي – صلى الله عليه وسلم – وأخلاقه ومنهجه في الدعوة إلى الله، والغريب أنه نقل نصًا للإميراطور البيزنطي في القرن الرابع عشر الميلادي، أثناء حصار القسطنطينية قبل فتحها، وهذا الإمبراطور من المعادين والمتعصبين ضد الإسلام، وملخص هذا القول : "إن العقيدة المسيحية تقوم على المنطق، بينما الإرادة الإلهية في العقيدة الإسلامية لا تخضع لحكم العقل، ولذا انتشر الإسلام بالسيف لا بالإقناع العقلي، والنبي محمد لم يأت إلا بما هو سيء وغير إنساني"، وكان الأولى ببابا روما أن يتحرى الدقة والموضوعية فيما قال، وخصوصًا أنه يعتلي هذا المنصب الكنسي الكبير، وهو بهذا يزيد من حالة الاحتقان الشعبي في العالمين العربي والإسلامي، ويؤكد بصورة واضحة على عدم موضوعيته وتعصبه ضد الإسلام ونبيه الكريم، وهذا مصداقًا لقول الله عز وجل : ( ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ).

وأحب أن أشير في هذا السياق إلى عدة حقائق :
1. هذا التصريح لا يغفره إلا التوبة والاعتذار للمسلمين بشكل علني، لأنه أساء للمسيحية قبل أن يسيء للإسلام، ولا يُقبل بأي حال من الأحوال أن يخرج علينا البابا أو بعض القساوسة لتفسير قوله، وأنه فُهم خطأً، فهذا كلام غير منطقي، ألم يجدر بهذا الرجل وهو في هذا الموقع الكبير أن يراجع نفسه أو مستشاريه قبل هذا التصرف المقيت ؟ ولكنني أؤكد أنه كان يقصد كل كلمة قالها ولم يخطيء في التعبير لأنه يحمل في طياته كل معاني التحريض والتعصب والحقد ضد الإسلام .

2. الدين الإسلامي لم ينتشر بحد السيف كما ادعى بابا الفاتيكان، فعلى مدار التاريخ الإسلامى نجد أن الإسلام كَفَل حرية الاعتقاد والتعبد، فلكل ذى دين دينه ومذهبه لا يُجبر على تركه إلى غيره، ولا يُضغط عليه، وأساس هذا الحق قوله تعالى:(لا إكراه فى الدين)، وكذلك صان الإسلام لغير المسلمين معابدهم، ورعى حرية شعائرهم، ففى عَهْد عمر بن الخطاب - رضى الله عنه – في رسالته إلى أهل إيلياء (القدس) نصّ على حريتهم الدينية، وحُرمة معابدهم وشعائرهم "هذا ما أعطى أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصُلبانهم وسائر ملتها، لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم ولا يُنتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صليبها، ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم" .

3. على البابا أن يرجع إلى أقوال بعض الكتاب الغربيين وغيرهم من غير المسلمين ممن أنصفوا الإسلام ونبي الإسلام، منهم على سبيل المثال :

"جوستاف لوبون" المفكر الفرنسى يقول : "إن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب، ولا دينًا سمحًا مثل دينهم".

ويقول "سيروليام موير" في كتابه "سيرة محمد" صلى الله عليه وسلم: "امتاز محمد بوضوح كلامه، ويُسر دينه، وأنه أتم من الأعمال ما يُدهش الألباب، فلم يشهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس، وأحيا الأخلاق، ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير، كما فعل محمد" .

ويقول "توماس كارليل" الفيلسوف الإنجليزي في "كتابه الأبطال": "قوم يضربون في الصحراء عدة قرون لا يؤبه لهم، فلما جاءهم النبي العربي أصبحوا قبلة الأنظار في العلوم والعرفان، وكثروا بعد قلة، وعزوا بعد ذلة، ولم يمض قرن حتى استضاءت أطراف الأرض بعقولهم وعلومهم" .

ويقول المستر "درابر" الأمريكى: "إن المسلمين الأولين فى زمن الخلفاء لم يقتصروا فى معاملة أهل العلم من النصارى النسطوريين ومن اليهود على مجرد الاحترام، بل فوضوا إليهم الكثير من الأعمال الجسام ورقّوهم إلى مناصب الدولة، حتى أن هارون الرشيد وضع جميع المدارس تحت مراقبة "حنا بن ماسويه" ولم ينظر إلى البلد الذى عاش فيه العالِم، ولا إلى الدين الذى ولد فيه، بل لم يكن ينظر إلا إلى مكانته من العلم والمعرفة" .

وقد صرح بابا الأقباط الأرثوذكس "شنودة الثالث" فى صحيفة الأهرام القاهرية (6/3/1985) : "إن الأقباط فى ظل حكم الشريعة، يكونون أسعد حالا وأكثر أمنًا، ولقد كانوا كذلك فى الماضى، حينما كان حُكم الشريعة هو السائد .. نحن نتوق إلى أن نعيش فى ظل "لهم ما لنا وعليهم ما علينا" ... إن مصر تجلب القوانين من الخارج حتى الآن، وتطبقها علينا، ونحن ليس عندنا ما فى الإسلام من قوانين مفصلة، فكيف نرضى بالقوانين المجلوبة ولا نرضى بقوانين الإسلام".

4. لابد من تحرك الحكومات العربية والإسلامية للضغط على الفاتيكان لحماية مقدساتنا ونصرة لنبينا، ودفع البابا إلى الاعتذار الرسمي للمسلمين، وعليهم واجب المقاطعة السياسية بسحب سفرائهم لدى الفاتيكان، والاقتصادية، إن لم يعتذر البابا .

ومن واجبات الأمة حيال هذا الأمر ومؤسسات المجتمع المدني أن يقوموا بالتعبير عن الغضب بشكل سلمي، ومقاطعة بضائع كل من يتجرأ على الإسلام ونبي الإسلام - صلى الله عليه وسلم.

وإقامة المؤتمرات والندوات فى أوربا وأمريكا للتعريف بالإسلام، وعرض نصاعته، وعظمة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم .
ـ

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة