الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحاديث منسوخة في الصلاة

أحاديث منسوخة في الصلاة

أحاديث منسوخة في الصلاة

قبل أن نذكر بعضاً من الأحاديث المنسوخة في الصلاة، يجدر بنا أن نشير إلى طرق معرفة الناسخ من المنسوخ، حيث تنحصر في ثلاثة أمور:

1- التصريح من رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك: كحديث بريدة رضي الله عنه في صحيح مسلم وفيه: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكّر الآخرة).

2- النصّ على ذلك من أحد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين: كقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار" أخرجه أصحاب السنن، وقال الزهري: "كانوا يرون أن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الناسخ للأول".

3- معرفة التاريخ: كحديث شداد بن أوس رضي الله عنه في سنن أبي داود: (أفطر الحاجِم والمحجُوم)، فقد جاء في بعض الطرق أن الحديث كان في زمن الفتح، فنسخ بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرمٌ صائمٌ في حجة الوداع" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

نسخ إباحة الكلام في الصلاة

المنسوخ: عن عمار بن ياسر رضي الله عنه "أنه سلّم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فردّ عليه" رواه النسائي بإسناد صحيح.

الناسخ: عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كان الرجل يُكلِّم صاحبه في الصلاة بالحاجة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نزلت الآية {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} فأُمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام" متفق عليه.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نُسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم فيردُّ علينا حتى قدمنا من أرض الحبشة فسلمت عليه فلم يَرد علي، فأخذني ما قَرُب وما بَعُد، فجلست حتى قضى الصلاة.. قال: (إن الله تعالى يُحدِث من أمره ما يشاء، وإنه قد أحدث من أمره أن لا يُتكلم في الصلاة) رواه أحمد وابن حبان، وفي رواية للبخاري: (إن في الصلاة لشُغلا).

نسخ وضع اليدين بين الركبتين في الركوع

المنسوخ والناسخ: عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قال: صليت إلى جنب أبي، فطبّقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي، فنهاني أبي وقال: "كنا نفعله فنُهينا عنه وأُمِرنا أن نضع أيدينا على الرُّكَب" رواه البخاري.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: عَلّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، فرفع يديه ثم ركع، فطبّق ووضع يديه بين ركبتيه، فبلغ ذلك سعدًا فقال: "صدَق أخي، كنا نفعل ذلك ثم أُمِرنا بهذا: ووضع يديه على ركبتيه" رواه ابن خزيمة في صحيحه.

نسخ كراهية الصلاة في يوم مرتين

المنسوخ: عن سليمان مولى أم سلمة قال: أتيت على ابن عمر رضي الله عنهما وهو قاعدٌ على البلاط وأهل المسجد يصلون، فقلت: ألا تصلي؟ فقال: إني قد صليت، قلت: ألا تصلي مع القوم؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تُصلى صلاة في يوم مرتين) رواه أبو داود بإسناد حسن.

الناسخ: عن بُسر بن مِحجن عن أبيه مِحجن أنه كان جالسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلّى، ومِحجن في مجلسه كما هو، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منعك أن تُصليَ معنا، ألست رجلا مسلما؟)، قال: بلى ولكني يا رسول الله صليت في أهلي، قال: (فإذا جئت فصلِّ مع الناس وإن كنت قد صليت) رواه مالك وصححه.

وعن يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، فأبصر رجلين في أواخر الناس لم يصلّيا، فدعاهما، فقال: (ما منعكما أن تصلّيا مع الناس؟) قالا: صلّينا في رحالنا، قال: (فلا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام، فليصلّها معه، فإنها له نافلة) رواه أحمد بإسناد صحيح.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما "أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجعُ فيصلي بقومه" رواه البخاري.

نسخ وقت صلاة المغرب

المنسوخ: عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال: قم فصل..، وفيه: "فصلى به المغرب حين وجبت الشمس، ثم جاءه من الغد فصلى به المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه" رواه البخاري.

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتَوارت بالحجاب" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

الناسخ: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أتاه سائلٌ يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام الظهر حتى زالت الشمس، والقائل يقول قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخّر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخّر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخّر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول قد احمرت الشمس، ثم أخّر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخّر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل فقال: (الوقتُ ما بين هذين) رواه مسلم.

وفي هذا الحديث بيان أن وقت المغرب موسّعٌ حتى غروب الشفق الأحمر، وهو ناسخٌ للحديث الذي قبله لأنه متأخرٌ عنه.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة