الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
607 - ( 4 ) - حديث : { أنه صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين يوما }. أحمد وأبو داود عنه ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن يحيى ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر بهذا . قال أبو داود : غير معمر لا يسنده . ورواه ابن حبان ، والبيهقي من حديث معمر ، وصححه ابن حزم ، والنووي ، وأعله الدارقطني في العلل بالإرسال والانقطاع ، وأن علي بن المبارك وغيره من الحفاظ رووه عن يحيى بن أبي كثير ، عن ابن ثوبان مرسلا ، وأن الأوزاعي رواه عن يحيى ، عن أنس فقال : بضع عشرة ، قلت : وبهذا اللفظ رواه جابر أخرجه البيهقي من طريقه بلفظ : { غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك ، فأقام بها بضع عشرة ، فلم يزد على ركعتين حتى رجع }. وروى الطبراني في الأوسط . [ ص: 95 ] من حديث أنس مثل حديث الباب ، وهو ضعيف فإنه من رواية الأوزاعي عن يحيى ، عن أنس ، وهو معلوم بما تقدم ، وقد اختلف فيه على الأوزاعي أيضا ، ذكره الدارقطني في العلل ، وقال الصحيح عن الأوزاعي ، عن يحيى أن أنسا كان يفعل ، قلت . ويحيى لم يسمع من أنس .

608 - ( 5 ) - قوله : ثبت { أنه صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح على حرب هوازن أكثر من أربعة أيام يقصر }. فروي عنه : { أنه أقام سبعة عشر }. رواه ابن عباس ، وروي : { أنه أقام تسعة عشر } ، وروي { أنه أقام ثمانية عشر } ، رواه عمران بن حصين ، وروي عشرين ، قال في التهذيب : اعتمد الشافعي رواية عمران لسلامتها من الاختلاف . أما رواية ابن عباس بلفظ : سبعة عشر بتقديم السين ، فرواها أبو داود وابن حبان من حديث عكرمة عنه ، وأما روايته بلفظ : تسعة عشر بتقديم التاء ، فرواها أحمد ، والبخاري من حديث عكرمة أيضا ، وأما رواية عمران بن حصين فرواها أبو داود ، والترمذي ، والبيهقي من حديث علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي نضرة ، عن عمران بن حصين قال : { غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشهدت معه الفتح ، فأقام بمكة ثماني عشرة لا يصلي إلا ركعتين ، [ ص: 96 ] يقول : يا أهل البلد صلوا أربعا فإنا قوم سفر }. حسنه الترمذي ، وعلي ضعيف .

وإنما حسن الترمذي حديثه لشواهده ، ولم يعتبر الاختلاف في المدة كما عرف من عادة المحدثين من اعتبارهم الاتفاق على الأسانيد دون السياق ، وأما رواية من قال فيه : عشرين ، فرواها عبد بن حميد في مسنده ثنا عبد الرزاق ، أنبأ ابن المبارك ، عن عاصم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتح مكة أقام عشرين يوما يقصر الصلاة }.

( تنبيه ) : روى النسائي ، وأبو داود ، وابن ماجه ، والبيهقي من حديث ابن عباس أيضا : { أنه أقام خمسة عشر }. قال البيهقي : أصح الروايات في ذلك رواية البخاري ، وهي رواية : { تسعة عشر } ، وجمع إمام الحرمين ، والبيهقي بين الروايات السابقة باحتمال أن يكون في بعضها لم يعد يومي الدخول ، والخروج : وهي رواية { سبعة عشر } ، وعدها في بعضها وهي رواية { تسعة عشر }وعد يوم الدخول ولم يعد الخروج ، وهي رواية { ثمانية عشر }قلت : وهو جمع متين ، وتبقى رواية { خمسة عشر }شاذة لمخالفتها ، ورواية { عشرين }وهي صحيحة الإسناد إلا أنها شاذة أيضا اللهم إلا أن يحمل على جبر الكسر ، ورواية { ثمانية عشر }ليست بصحيحة من حيث الإسناد كما قدمناه ، ودعوى صاحب التهذيب أنها سالمة من الاختلاف أي على راويها وهو وجه الترجيح ، يفيد لو كان راويها عمدة ، وقد ادعى البيهقي أن ابن المبارك لم يختلف عليه في رواية { تسعة عشر }وفيه نظر لما أسلفناه من رواية عبد بن حميد ، فإنها من طريقه أيضا وهي : { أقام عشرين }.

609 - ( 6 ) - حديث ابن عباس : " يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من . [ ص: 97 ] أربع برد ، من مكة إلى عسفان ، وإلى الطائف " . الدارقطني ، والبيهقي ، وليس في روايتهما ذكر الطائف ، وكذلك الطبراني ، وإسناده ضعيف ، فيه عبد الوهاب بن مجاهد ، وهو متروك ، رواه عنه إسماعيل بن عياش ، وروايته عن الحجازيين ضعيفة ، والصحيح عن ابن عباس من قوله .

قال الشافعي : أنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس أنه سئل أنقصر الصلاة إلى عرفة ؟ قال : لا ، ولكن إلى عسفان ، وإلى جدة ، وإلى الطائف ، وإسناده صحيح ، وذكره مالك في الموطأ عن ابن عباس بلاغا .

التالي السابق


الخدمات العلمية