الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وشرط ) بالبناء للمجهول : في المؤذن ثلاثة شروط ( كونه مسلما ) فلا يعتد بأذان كافر لعدم النية . وكونه ( ذكرا ) فلا يعتد بأذان أنثى وخنثى . [ ص: 133 ] قال جماعة : ولا يصح لأنه منهي عنه ، كالحكاية . وكونه ( عاقلا ) فلا يصح من مجنون كسائر العبادات ( وبصيرا أولى ) بالأذان من أعمى . لأنه يؤذن عن يقين ، بخلاف الأعمى . فربما غلط في الوقت .

                                                                          ومثله عارف بالوقت مع جاهل به . وعلم منه : صحة أذان أعمى . لأن ابن أم مكتوم كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عمر : { وكان رجلا أعمى لا ينادي بالصلاة حتى يقال : أصبحت أصبحت } رواه البخاري ويستحب أن يكون معه بصير ، كما كان ابن أم مكتوم ، يؤذن بعد بلال ، قاله في الشرح .

                                                                          ( وسن كونه ) أي المؤذن ( صيتا ) أي رفيع الصوت . لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد { ألقه على بلال . فإنه أندى صوتا منك } ولأنه أبلغ في الإعلام المقصود بالأذان ، وسن أيضا كونه ( أمينا ) لحديث { أمناء الناس على صلاتهم وسحورهم المؤذنون } رواه البيهقي من طريق يحيى بن عبد الحميد .

                                                                          وفيه كلام ( و ) سن أيضا كونه ( عالما بالوقت ) ليؤمن خطؤه ( ويقدم مع التشاح ) بين اثنين فأكثر في الأذان ( الأفضل في ذلك ) المذكور من الخصال ; لأنه صلى الله عليه وسلم { قدم بلالا على عبد الله بن زيد } لأنه أندى صوتا منه . وقدم أبا محذورة لصوته .

                                                                          وقيس عليه باقي الخصال ( ثم ) يقدم ( إن استووا ) في الخصال المذكورة والأفضل ( في دين وعقل ) لحديث ابن عباس مرفوعا { ليؤذن لكم خياركم } رواه أبو داود وغيره ( ثم ) يقدم مع التساوي في جميع ما تقدم ( من يختاره أكثر الجيران ) المصلين ، لأن الأذان لإعلامهم .

                                                                          ولأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ، ومن هو أعف نظرا ( ثم ) مع التساوي أيضا في رضا الجيران ( يقرع ) فمن خرجت له القرعة قدم . لحديث " لو يعلم الناس ما في الأذان يوم القادسية أقرع بينهم سعد ( ويكفي مؤذن ) في المصر ( بلا حاجة ) إلى زيادة نصا . ولا يستحب الزيادة على اثنين .

                                                                          وقال القاضي : على أربعة لفعل عثمان ، إلا من حاجة والأولى أن يؤذن واحد بعد واحد ( ويزاد ) مع الحاجة أكثر بأن لم يحصل الإعلام بواحد ( بقدرها ) أي الحاجة كل واحد في جانب أو دفعة واحدة ( ويقيم ) الصلاة ( من يكفي ) في الإقامة ، ويقدم من أذن أولا ( وهو ) أي الأذان ( خمس عشرة كلمة ) أي جملة ( بلا ترجيع ) للشهادتين ، بأن يخفض بهما صوته ، ثم يعيدهما رافعا بهما صوته ، فيكون التكبير في أوله أربعا .

                                                                          قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله سئل : إلى أي الأذان تذهب ؟ فقال : إلى أذان بلال . فقيل له : أليس حديث [ ص: 134 ] أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد ؟ لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة ، فقال : أليس قد رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقر بلالا على أذان عبد الله بن زيد ؟ ( وهي ) أي الإقامة ( إحدى عشرة جملة بلا تثنية ) لحديث عبد الله بن زيد .

                                                                          ولقول ابن عمر { إنما كان الأذان على عهده صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين ، والإقامة مرة مرة ، إلا أنه يقول : قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة } رواه أحمد وأبو داود والنسائي . وأما حديث أنس { أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة } متفق عليه ، ففيه إجمال فسره ما سبق

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية