الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما [ ص: 247 ] وقعودا وعلى جنوبكم قال أبو بكر : أطلق الله تعالى الذكر في غير هذا الموضع وأراد به الصلاة في قوله : الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم يروى أن عبد الله بن مسعود رأى الناس يصيحون في المسجد فقال : ما هذا النكر ؟ قالوا : أليس الله يقول : الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ؟ فقال : إنما يعني بهذه الصلاة المكتوبة إن لم تستطع قائما فقاعدا ، وإن لم تستطع فصل على جنبك . وروي عن الحسن : الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم هذه رخصة من الله للمريض أن يصلي قاعدا وإن لم يستطع فعلى جنبه .

فهذا الذكر المراد به نفس الصلاة ؛ لأن الصلاة ذكر الله تعالى ، وفيها أيضا أذكار مسنونة ومفروضة . وأما الذكر الذي في قوله تعالى : فإذا قضيتم الصلاة فليس هو الصلاة ، ولكنه على أحد وجهين :

إما الذكر بالقلب ، وهو الفكر في عظمة الله وجلاله وقدرته وفيما في خلقه وصنعه من الدلائل عليه وعلى حكمه وجميل صنعه .

والذكر الثاني : الذكر باللسان بالتعظيم والتسبيح والتقديس ؛ وروي عن ابن عباس قال : " لم يعذر أحد في ترك الذكر إلا مغلوبا على عقله " ، والذكر الأول أشرفهما وأعلاهما منزلة . والدليل على أنه لم يرد بهذا الذكر الصلاة أنه أمر به بعد الفراغ منها بقوله تعالى : فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم

التالي السابق


الخدمات العلمية