الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ولا فرق بين الرجال ، والنساء في عمل الصلاة إلا أن المرأة يستحب لها أن تضم بعضها إلى بعض ، وأن تلصق بطنها بفخذيها في السجود كأستر ما يكون وأحب ذلك لها في الركوع ، وجميعه تكثف جلبابها وتجافيه راكعة وساجدة : لئلا تصفها ثيابها وأن تخفض صوتها "

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح

                                                                                                                                            [ ص: 162 ] قد ذكرنا أفعال الصلاة وصوابها من الواجبات والمسنونات والهيئات ، والمرأة كالرجل في واجبها ومسنونها ، وهيئاتها إلا في شيئين :

                                                                                                                                            أحدهما : قدر ستر العورة ويأتي ذكره وتفصيله

                                                                                                                                            والثاني : هيئات وهي نوعان :

                                                                                                                                            أحدهما : هيئات أقوال

                                                                                                                                            والثاني : هيئات أفعال

                                                                                                                                            وإنما هيئات الأقوال فثلاثة :

                                                                                                                                            أحدها : ترك الأذان وخفض الأصوات بالإقامة

                                                                                                                                            والثانية : الإسرار بالقراءة في صلاة الجهر ، والإسرار في جماعة وفرادى

                                                                                                                                            والثالث : أن يصفقن لما ينوبهن في الصلاة بدلا من تسبيح الرجال ، وإنما خالفن الرجال في هيئات الأقوال وترك الجهر بها لقوله صلى الله عليه وسلم : من نابه شيء في صلاته فليسبح وإنما التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ولأن صوتهن عورة ، وربما افتتن سامعه ، ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصغي الرجل إلى حديث امرأة لا يملكها وإن كان من وراء جدار ، فإن زيغ القلب ممحقة للأعمال ، وقد قال الشاعر :


                                                                                                                                            لو يسمعون كما سمعت حديثها خروا لعزة ركعا وسجودا

                                                                                                                                            فجعل سماع الكلام كمشاهدة الأجسام في الافتتان به والميل إليه ، وأما هيئات الأفعال فضربان ، ضرب في أعمال الصلاة ، وضرب في محل الصلاة ، فأما التي في عمل الصلاة فثلاثة :

                                                                                                                                            أحدها : كثافة جلبابهن ، والزيادة في لبس ما هو أستر لها من السراويل ، وخمار ، وقميص ، وإزار ، واعتماد لبس ما جفا من الثياب لقوله تعالى : ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [ الأحزاب : 159 ]

                                                                                                                                            والثانية : أن يجتمعن في ركوعهن وسجودهن ولا يتجافين ، لأن ذلك أستر لهن وأبلغ في صيانتهن

                                                                                                                                            والثالث : أنهن إن صلين قعودا جلسن متربعات ، وأما التي في محل الصلاة فأربعة :

                                                                                                                                            [ ص: 163 ] أحدها : من السنة لهن الصلاة في بيوتهن دون المساجد لقوله صلى الله عليه وسلم : صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في مسجدها

                                                                                                                                            والثانية : أنهن إذا صلين جماعة وقف الإمام منهن وسطهن ولم يجز له التقدم عليهن كالرجل

                                                                                                                                            والثالثة : أن المرأة إذا ائتمت وحدها برجل وقفت خلفه ، ولم تقف إلى يمينه كالرجل

                                                                                                                                            والرابعة : أنهن إذا صلين مع الرجل جماعة فأواخر الصفوف لهن أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ، وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها

                                                                                                                                            فهذه الهيئات التي يقع الفرق فيها بين الرجال والنساء في الصلاة ، فإن خالفن هيئاتهن وتابعن الرجال فقد أسأن ، وصلاتهن مجزئة فأما ما يبطل الصلاة ، أو يوجب سجود السهو فالرجال والنساء فيه سواء لا فرق بينهما في شيء منه - والله تعالى أعلم -

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية