الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 295 ] ثم دخلت سنة سبع وعشرين وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في صفر منها دخل السلطان مسعود إلى بغداد ، فخطب له على منابرها
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، وخلع عليه الخليفة وولاه السلطنة ، ولما ذكر على المنابر نثرت الدنانير والذهب على الناس ، وخلع على الملك داود بن محمود . وفيها جمع دبيس جمعا كثيرا بواسط وانضم إليه جماعة ، فأرسل إليه السلطان جيشا فكسروه وفرقوا شمله ، ثم إن الخليفة عزم على الخروج إلى الموصل ، ليأخذها من يد زنكي ، فخرج في جيش كثيف وخلق من الأمراء والأكابر والوزراء ، فلما اقترب منها بعث إليه عماد الدين زنكي يعرض عليه من الأموال الجزيلة والتحف شيئا كثيرا ؛ ليرجع عنه فلم يقبل ، ثم بلغه أن السلطان مسعودا قد اصطلح مع دبيس ، وخلع عليه فكر راجعا سريعا إلى بغداد سالما معظما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها مات ابن الزاغوني أحد أئمة الحنابلة ، فطلب حلقته ابن الجوزي - وكان شابا - فحصلت لغيره ، ولكن أذن له الوزير أنوشروان في الوعظ ، فتكلم في هذه السنة على الناس بأماكن متعددة من بغداد ، وكثرت مجالسه وازدحم عليه الناس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ملك شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق مدينة حماة ، وكانت بيد زنكي ، وفي ذي الحجة نهب التركمان مدينة طرابلس فخرج إليهم القومص [ ص: 296 ] - لعنه الله - فهزموه وقتلوا خلقا من أصحابه ، وحاصروه بها مدة طويلة حتى طال الحصار فانصرفوا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولي مكة قاسم بن أبي فليتة بعد أبيه . وفيها قتل شمس الملوك أخاه سونج . وفيها اشترى الباطنية حصن القدموس بالشام فسكنوه ، وحاربوا من جاورهم من المسلمين والفرنج ، وفيها اقتتلت الفرنج فيما بينهم قتالا شديدا ، فمحق الله منهم خلقا كثيرا ، وغزاهم فيها أيضا عماد الدين زنكي فقتل منهم ألف قتيل ، وغنم أموالا جزيلة ، ويقال لها : غزاة أسوار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس فيها نظر الخادم ، وكذا في التي قبلها وبعدها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية