الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 421 ] ثم دخلت سنة ثنتين وستين وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها أقبلت الفرنج في جحافل كثيرة إلى الديار المصرية وساعدهم المصريون ، فتصرفوا في بعض البلاد ، فبلغ ذلك أسد الدين شيركوه ، بن شاذي فاستأذن الملك نور الدين في العود إليها - وكان كثير الحنق على الوزير شاور - فأذن له ، فسار إليها في ربيع الآخر ، ومعه ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وقد وقع في النفوس أنه سيملك الديار المصرية ، وفي ذلك يقول عرقلة المسمى بحسان الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أقول والأتراك قد أزمعت مصر إلى حرب الأعاريب     رب كما ملكتها يوسف الص
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ديق من أولاد يعقوب     يملكها في عصرنا يوسف الص
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ادق من أولاد أيوب     من لم يزل ضراب هام العدا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حقا وضراب العراقيب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما بلغ الوزير شاور قدوم أسد الدين والجيش معه بعث إلى الفرنج فجاءوا من كل فج إليه وبلغ أسد الدين ذلك من شأنهم - وإنما معه ألفا فارس - فاستشار من معه من الأمراء فكلهم أشار عليه بالرجوع إلى نور الدين لكثرة الفرنج ، إلا أميرا واحدا يقال له : شرف الدين بزغش ; فإنه قال : من [ ص: 422 ] خاف القتل والأسر فليقعد في بيته عند زوجته ، ومن أكل أموال المسلمين فلا يسلم بلادهم إلى العدو ، وقال مثل ذلك ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب ، فعزم الله لهم فساروا نحو الفرنج ، فاقتتلوا هم وإياهم قتالا عظيما ، فقتلوا من الفرنج مقتلة عظيمة وهزموهم وقتلوا منهم خلقا لا يعلمهم إلا الله عز وجل ، ولله الحمد والمنة على كل حال .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية