الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 444 ] ثم دخلت سنة ست وستين وخمسمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها كانت وفاة المستنجد وخلافة ابنه المستضيء ; وذلك أن المستنجد كان قد مرض في أول هذه السنة ثم عوفي فيما يبدو للناس ، فعملت ضيافة عظيمة بسبب ذلك ، وفرح الناس بذلك ، ثم أدخله الحكيم إلى الحمام وعنده ضعف شديد فمات في الحمام ، رحمه الله ويقال : إن ذلك كان بإشارة بعض الدولة على الطبيب ; استعجالا لموته ، وكانت وفاته يوم السبت بعد الظهر ثاني ربيع الآخر عن ثمان وأربعين سنة ، وكانت مدة خلافته إحدى عشرة سنة وشهرا ، وكان من خيار الخلفاء وأعدلهم وأرفقهم بالرعايا ، ومنع عنهم المكوس والضرائب ، ولم يترك بالعراق مكسا ، وقد شفع إليه بعض أصحابه في رجل شرير وبذل فيه عشرة آلاف دينار ، فقال له الخليفة : أنا أعطيك عشرة آلاف دينار وائتني بمثله لأريح المسلمين من شره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان المستنجد أسمر طويل اللحية ، وهو الثاني والثلاثين من العباسيين ، وذلك في الجمل لام باء ولهذا قال فيه بعض الأدباء :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 445 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أصبحت لب بني العباس كلهم إن عددت بحساب الجمل الخلفا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان أمارا بالمعروف نهاء عن المنكر وقد رأى في منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة فكانت آخرهن قبل أن يلي بأربعة أيام وهو يقول له : قل اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت . . . دعاء القنوت بتمامه ، وصلي عليه يوم الأحد قبل الظهر ودفن بدار الخلافة ، ثم نقل إلى الترب من الرصافة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية