الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 112 ] ثم دخلت سنة تسع عشرة وستمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها نقل تابوت العادل من القلعة إلى تربته بالعادلية الكبيرة ، فصلي عليه أولا تحت النسر بالجامع الأموي ، ثم جاءوا به إلى التربة المذكورة ، فدفن بها ، ولم تكن المدرسة كملت بعد ، وقد تكامل بناؤها في السنة الآتية أيضا ، وذكر الدرس بها القاضي جمال الدين المصري ، وحضر عنده السلطان المعظم ، فجلس في الصدر ، وعن شماله القاضي ، وعن يمينه جمال الدين الحصيري شيخ الحنفية ، وكان في المجلس الشيخ تقي الدين بن الصلاح إمام السلطان ، والشيخ سيف الدين الآمدي إلى جانب المدرس ، وإلى جانبه شمس الدين بن سني الدولة ، ويليه النجم خليل قاضي العسكر ، وتحت الحصيري شمس الدين بن الشيرازي ، وتحته محيي الدين بن الزكي ، وفيه خلق من الأعيان والأكابر ، وفيهم فخر الدين بن عساكر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أرسل الملك المعظم الصدر البكري محتسب دمشق إلى جلال الدين [ ص: 113 ] ابن خوارزم شاه يستعينه على أخويه الكامل والأشرف اللذين قد تمالآ عليه ، فأجابه إلى ذلك بالسمع والطاعة ، ولما عاد الصدر المذكور أضاف إليه مشيخة الشيوخ .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج في هذه السنة الملك المسعود أقسيس بن الكامل صاحب اليمن ، فبدت منه أفعال ناقصة بالحرم من سكر ورشق حمام المسجد بالبندق من أعلى قبة زمزم ، وكان إذا نام في دار الإمارة يضرب الطائفون بالمسعى بأطراف السيوف لئلا يشوشوا عليه وهو نوم سكر ، قبحه الله تعالى ، ولكن كان مع هذا كله مهيبا محترما ، والبلاد به آمنة مطمئنة ، وقد كان يرفع سنجق أبيه يوم عرفة على سنجق الخليفة ، فجرى بسبب ذلك فتنة عظيمة ، وما مكن من طلوعه وصعوده إلى الجبل إلا في آخر النهار بعد جهد جهيد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كان بالشام جراد كثير أكل الزرع والثمار والأشجار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وقعت حروب كثيرة بين القفجاق والكرج ، وقتال كثير بسبب ضيق بلاد القفجاق عليهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ولي قضاء القضاة ببغداد أبو عبد الله محمد بن فضلان ، ولبس الخلعة في دار نائب الوزارة مؤيد الدين محمد بن محمد القمي بحضرة الأعيان والكبراء ، وقرئ تقليده بحضرتهم ، وساقه ابن الساعي بحروفه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية