الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الأضاحي باب وقتها

                                                                                                                1960 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الأسود بن قيس ح وحدثناه يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن الأسود بن قيس حدثني جندب بن سفيان قال شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعد أن صلى وفرغ من صلاته سلم فإذا هو يرى لحم أضاحي قد ذبحت قبل أن يفرغ من صلاته فقال من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي أو نصلي فليذبح مكانها أخرى ومن كان لم يذبح فليذبح باسم الله [ ص: 95 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 95 ] كتاب الأضاحي .

                                                                                                                باب وقتها .

                                                                                                                قال الجوهري : قال الأصمعي : فيها أربع لغات : أضحية ، وإضحية ، بضم الهمزة وكسرها ، وجمعها أضاحي بتشديد الياء وتخفيفها ، واللغة الثالثة : ضحية ، وجمعها : ضحايا ، والرابعة : أضحاة بفتح الهمزة ، والجمع : أضحى ، كأرطاة وأرطى ، وبها سمي يوم الأضحى ، قال القاضي : وقيل : سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى ، وهو ارتفاع النهار . وفي الأضحى لغتان : التذكير لغة قيس ، والتأنيث لغة تميم .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كان ذبح أضحيته قبل أن يصلي ، أو نصلي ، فليذبح مكانها أخرى ، ومن كان لم يذبح فليذبح باسم الله ) وفي رواية : ( على اسم الله ) قال الكتاب من أهل العربية : إذا قيل باسم الله ، تعين كتبه بالألف ، وإنما تحذف الألف إذا كتب بسم الله الرحمن الرحيم بكمالها . وقوله : ( قبل أن يصلي أو نصلي ) الأول بالياء والثاني بالنون والظاهر أنه شك من الراوي ، واختلف العلماء في وجوب الأضحية على الموسر ، فقال جمهورهم : هي سنة في حقه إن تركها بلا عذر لم يأثم ، ولم يلزمه القضاء ، وممن قال بهذا أبو بكر ، وعمر بن الخطاب ، وبلال ، وأبو مسعود البدري ، وسعيد بن المسيب ، وعلقمة ، والأسود ، وعطاء ، ومالك ، وأحمد ، وأبو يوسف ، وإسحاق ، وأبو ثور ، والمزني ، وابن المنذر ، وداود وغيرهم ، وقال ربيعة ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، والليث : هي واجبة على الموسر ، وبه قال بعض المالكية ، وقال النخعي : واجبة على الموسر [ ص: 96 ] إلا الحاج بمنى ، وقال محمد بن الحسن : واجبة على المقيم بالأمصار ، والمشهور عن أبي حنيفة أنه إنما يوجبها على مقيم يملك نصابا . والله أعلم .

                                                                                                                باب وقتها وأما وقت الأضحية فينبغي أن يذبحها بعد صلاته مع الإمام ، وحينئذ تجزيه بالإجماع .

                                                                                                                قال ابن المنذر : وأجمعوا أنها لا تجوز قبل طلوع الفجر يوم النحر ، واختلفوا فيما بعد ذلك ، فقال الشافعي ، وداود ، وابن المنذر وآخرون : يدخل وقتها إذا طلعت الشمس ، ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين ، فإن ذبح بعد هذا الوقت أجزأه ، سواء صلى الإمام أم لا ، وسواء صلى الضحى أم لا ، وسواء كان من أهل الأمصار أو من أهل القرى والبوادي والمسافرين ، وسواء ذبح الإمام أضحيته أم لا .

                                                                                                                وقال عطاء ، وأبو حنيفة : يدخل وقتها في حق أهل القرى والبوادي إذا طلع الفجر الثاني ، ولا يدخل في حق أهل الأمصار حتى يصلي الإمام ويخطب ، فإن ذبح قبل ذلك لم يجزه .

                                                                                                                وقال مالك : لا يجوز ذبحها إلا بعد صلاة الإمام وخطبته وذبحه .

                                                                                                                وقال أحمد : لا يجوز قبل صلاة الإمام ، ويجوز بعدها قبل ذبح الإمام ، وسواء عنده أهل الأمصار والقرى ، ونحوه عن الحسن ، والأوزاعي ، وإسحاق بن راهويه .

                                                                                                                وقال الثوري : لا يجوز بعد صلاة الإمام قبل خطبته وفي أثنائها ، وقال ربيعة فيمن لا إمام له : إن ذبح قبل طلوع الشمس لا يجزيه ، وبعد طلوعها يجزيه .

                                                                                                                وأما آخر وقت التضحية فقال الشافعي : تجوز في يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعده ، وممن قال بهذا علي بن أبي طالب ، وجبير بن مطعم ، وابن عباس ، وعطاء ، والحسن البصري ، وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام ، ومكحول وداود الظاهري وغيرهم . وقال أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد : تختص بيوم النحر ويومين بعده ، وروي هذا عن عمر بن الخطاب ، وعلي ، وابن عمر ، وأنس [ ص: 97 ] - رضي الله عنهم - . وقال سعيد بن جبير : تجوز لأهل الأمصار يوم النحر خاصة ، ولأهل القرى يوم النحر وأيام التشريق ، وقال محمد بن سيرين : لا تجوز لأحد إلا في يوم النحر خاصة ، وحكى القاضي عن بعض العلماء أنها تجوز في جميع ذي الحجة ، واختلفوا في جواز التضحية في ليالي أيام الذبح ، فقال الشافعي : تجوز ليلا مع الكراهة ، وبه قال أبو حنيفة ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور والجمهور ، وقال مالك في المشهور عنه وعامة أصحابه ، ورواية عن أحمد : لا تجزيه في الليل ، بل تكون شاة لحم .




                                                                                                                الخدمات العلمية