الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر البيان بأن وحشيا لما أسلم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغيب عنه وجهه لما كان منه في حمزة ما كان

                                                                                                                          7017 - أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي - وكان واحد زمانه - حدثنا محمد بن مشكان السرخسي حدثنا حجين بن المثنى أبو عمر [ ص: 482 ] البغدادي حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة بن أخي الماجشون عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ، قال : خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار إلى الشام ، فلما قدمنا حمص ، قال لي عبيد الله : هل لك في وحشي نسأله عن قتل حمزة ؟ قلت : نعم ، قال : وكان وحشي يسكن حمص ، قال : فسألنا عنه ، فقيل لنا : هو ذاك في ظل قصره ، كأنه حميت ، قال : فجئنا حتى وقفنا عليه ، فسلمنا فرد السلام ، قال : وعبيد الله معتجر بعمامة ما يرى وحشي إلا عينيه ورجليه ، قال : فقال له عبيد الله : يا وحشي ، أتعرفني ؟

                                                                                                                          فنظر إليه وقال : لا والله إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها : أم القتال بنت أبي العيص ، فولدت له غلاما بمكة فاسترضعه ، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه ، فلكأني نظرت إلى قدميك .

                                                                                                                          قال : فكشف عبيد الله عن وجهه ، ثم قال : ألا تخبرنا بقتل حمزة ؟ قال : نعم ، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر ، قال : فقال لي مولاي جبير بن مطعم : إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر ، قال : فلما أن خرج الناس عام عينين - ، قال : وعينين جبل تحت أحد ، بينه وبين واد - ، قال : فخرجت مع الناس إلى [ ص: 483 ] القتال ، فلما اصطفوا للقتال ، خرج سباع أبو نيار ، قال : فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب ، فقال : يا سباع ، يا ابن أم أنمار ، يا ابن مقطعة البظور ، تحاد الله ورسوله ؟ قال : ثم شد عليه ، فكان كأمس الذاهب ، قال : وانكمنت لحمزة حتى مر علي ، فلما أن دنا مني رميته بحربتي ، فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه . قال : فكان ذلك العهد به ، فلما رجع الناس ، رجعت معهم ، فأقمت بمكة حتى نشأ فيها الإسلام ، ثم خرجت إلى الطائف ، قال : وأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلا ، قال : وقيل له : إنه لا يهيج الرسل ، قال : فجئت فيهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أنت وحشي ؟ قلت : نعم ، قال : أنت قتلت حمزة ؟ قال : قلت : قد كان من الأمر ما بلغك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما تستطيع أن تغيب عني وجهك ؟ قال : فخرجت ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مسيلمة الكذاب ، قال : قلت : لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله ، فأكافئ به حمزة ، قال : فخرجت مع الناس ، فكان من أمرهم ما كان ، قال : وإذا رجيل قائم في ثلمة جدار كأنه جمل أورق ما نرى رأسه ، قال : فأرميه بحربتي ، فأضعها بين ثدييه ، حتى خرجت من بين كتفيه ، قال : ودب رجل من الأنصار ، فضربه بالسيف على هامته .

                                                                                                                          [ ص: 484 ] قال عبد الله بن الفضل ، وأخبرني سليمان بن يسار ، أنه سمع عبد الله بن عمر ، يقول : قالت جارية على ظهر البيت : إن أمير المؤمنين قتله العبد الأسود
                                                                                                                          .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية