الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
كتاب الصيام الصغير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الشهر تسع وعشرون لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين } ( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى وبهذا نقول ، فإن لم تر العامة هلال شهر رمضان ورآه رجل عدل رأيت أن أقبله للأثر والاحتياط ( قال الشافعي ) : أخبرنا الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة بنت الحسين أن رجلا شهد عند علي رضي الله تعالى عنه على رؤية هلال رمضان فصام وأحسبه قال وأمر الناس أن يصوموا ، وقال : أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان .

( قال الشافعي ) : بعد لا يجوز على هلال رمضان إلا شاهدان .

( قال الشافعي ) : وقد قال بعض أصحابنا لا أقبل عليه إلا شاهدين ، وهذا القياس على كل معيب استدل عليه ببينة وقال بعضهم جماعة .

( قال الشافعي ) : ولا أقبل على رؤية هلال الفطر إلا شاهدين عدلين وأكثر ، فإن صام الناس بشهادة واحد أو اثنين أكملوا العدة ثلاثين إلا أن يروا الهلال أو تقوم بينة برؤيته فيفطروا ، وإن غم الشهران معا فصاموا ثلاثين فجاءتهم بينة بأن شعبان رئي قبل صومهم بيوم قضوا يوما لأنهم تركوا يوما من رمضان .

وإن غما فجاءتهم البينة بأنهم صاموا يوم الفطر أفطروا أي ساعة جاءتهم البينة ، فإن جاءتهم البينة قبل الزوال صلوا صلاة العيد ، وإن كان بعد الزوال لم يصلوا صلاة العيد ، وهذا قول من أحفظ عنه من أصحابنا .

( قال الشافعي ) : فخالفه في هذا بعض الناس فقال فيه قبل الزوال قولنا وقال بعد الزوال يخرج بهم الإمام من الغد ولا يصلي بهم في يومهم ذلك .

( قال الشافعي ) : فقيل لبعض من يحتج بهذا القول : إذا كانت صلاة العيد عندنا وعندك سنة لا تقضى إن تركت وغمك وقت فكيف أمرت بها أن تعمل في غيره وأنت إذا مضى الوقت تعمل في وقت لم تؤمر بأن تعمل ، مثل المزدلفة إذا مرت ليلتها لم تؤمر بالمبيت فيها والجمار إذا مضت أيامها لم تؤمر برميها وأمرت بالفدية فيما فيه فدية من ذلك ومثل الرمل إذا مضت الأطواف الثلاثة فلا ينبغي أن تأمر به في الأربعة البواقي ; لأنه مضى وقته وليس منه بدل بكفارة وإذا أمرت بالعيد في غير وقته فكيف لم تأمر به بعد الظهر من يومه والصلاة تحل في يومه ؟ وأمرت بها من الغد ويوم الفطر أقرب من وقت الفطر من غده ؟ ( قال ) : فإنها من غد تصلى في مثل وقته ، قيل له : أو ليس تقول في كل ما فات مما يقضى من المكتوبات يقضى إذا ذكر فكيف [ ص: 104 ] خالفت بين هذا وبين ذلك ؟ ، فإن كانت علتك الوقت فما تقول فيه إن تركته من غده أتصليه بعد غده في ذلك الوقت ؟ قال : لا . قيل : فقد تركت علتك في أن تصلي في مثل ذلك الوقت فما حجتك فيه ؟ قال روينا فيه شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا : قد سمعناه ولكنه ليس مما يثبت عندنا والله أعلم ، وأنت تضعف ما هو أقوى منه : وإذا زعمت أنه ثابت فكيف يقضي في غده ولم تنهه أن يقضي بعده فينبغي أن تقول يقضي بعد أيام ، وإن طالت الأيام .

( قال الشافعي ) : وأنا أحب أن أذكر فيه شيئا ، وإن لم يكن ثابتا وكان يجوز أن يفعل تطوعا أن يفعل من الغد وبعد الغد إن لم يفعل من الغد ; لأنه تطوع وأن يفعل المرء ما ليس عليه أحب إلي من أن يدع ما عليه ، وإن لم يكن الحديث ثابتا ، فإذا كان يجوز أن يفعل بالتطوع فهذا خير أراده الله به أرجو أن يأجره الله عليه بالنية في عمله .

( قال الشافعي ) : بعد لا يصلي إذا زالت الشمس من يوم الفطر

التالي السابق


الخدمات العلمية