الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      الطحاوي

                                                                                      الإمام العلامة الحافظ الكبير ، محدث الديار المصرية وفقيهها أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك ، الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي ، صاحب التصانيف من أهل قرية [ ص: 28 ] طحا من أعمال مصر ، مولده في سنة تسع وثلاثين ومائتين .

                                                                                      وسمع من : عبد الغني بن رفاعة ، وهارون بن سعيد الأيلي ، ويونس بن عبد الأعلى ، وبحر بن نصر الخولاني ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، وعيسى بن مثرود ، وإبراهيم بن منقذ ، والربيع بن سليمان المرادي ، وخاله أبي إبراهيم المزني وبكار بن قتيبة ، ومقدام بن داود الرعيني ، وأحمد بن عبد الله بن البرقي ، ومحمد بن عقيل الفريابي ، ويزيد بن سنان البصري وطبقتهم .

                                                                                      وبرز في علم الحديث وفي الفقه ، وتفقه بالقاضي أحمد بن أبي عمران الحنفي ، وجمع وصنف .

                                                                                      حدث عنه : يوسف بن القاسم الميانجي ، وأبو القاسم الطبراني ، ومحمد بن بكر بن مطروح ، وأحمد بن القاسم الخشاب وأبو بكر بن المقرئ ، وأحمد بن عبد الوارث الزجاج ، وعبد العزيز بن محمد الجوهري قاضي الصعيد ، وأبو الحسن محمد بن أحمد الإخميمي ومحمد بن الحسن بن عمر التنوخي ، ومحمد بن المظفر الحافظ ، وخلق سواهم من الدماشقة والمصريين والرحالين في الحديث .

                                                                                      [ ص: 29 ] وارتحل إلى الشام في سنة ثمان وستين ومائتين ، فلقي القاضي أبا خازم وتفقه أيضا عليه .

                                                                                      ذكره أبو سعيد بن يونس ، فقال : عداده في حجر الأزد وكان ثقة ثبتا فقيها عاقلا ، لم يخلف مثله . ثم ذكر مولده وموته .

                                                                                      أخبرنا عمر بن عبد المنعم ، أخبرنا أبو اليمن الكندي إجازة ، أخبرنا علي بن عبد السلام ، أخبرنا الشيخ أبو إسحاق في " طبقات الفقهاء " قال : وأبو جعفر الطحاوي انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر أخذ العلم عن أبي جعفر بن أبي عمران ، وأبي خازم وغيرهما ، وكان شافعيا يقرأ على أبي إبراهيم المزني ، فقال له يوما : والله لا جاء منك شيء ، فغضب أبو جعفر من ذلك ، وانتقل إلى ابن أبي عمران ، فلما صنف مختصره ، قال : رحم الله أبا إبراهيم : لو كان حيا لكفر عن يمينه .

                                                                                      صنف " اختلاف العلماء " و " الشروط " ، و " أحكام القرآن " ، و " معاني الآثار " ثم قال : ولد سنة ثمان وثلاثين ومائتين قال : ومات سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة .

                                                                                      قال أبو سليمان بن زبر قال لي الطحاوي : أول من كتبت عنه الحديث المزني ، وأخذت بقول الشافعي ، فلما كان بعد سنين ، قدم أحمد بن أبي عمران قاضيا على مصر ، فصحبته ، وأخذت بقوله .

                                                                                      [ ص: 30 ] قلت : من نظر في تواليف هذا الإمام علم محله من العلم ، وسعة معارفه . وقد كان ناب في القضاء عن أبي عبيد الله محمد بن عبدة قاضي مصر سنة بضع وسبعين ومائتين . وترقى حاله ، فحكى أنه حضر رجل معتبر عند القاضي ابن عبدة فقال : أيش روى أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، عن أمه ، عن أبيه ؟ فقلت أنا حدثنا بكار بن قتيبة ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا سفيان ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي عبيدة ، عن أمه ، عن أبيه ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : إن الله ليغار للمؤمن فليغر .

                                                                                      وحدثنا به إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، عن سفيان موقوفا ، فقال لي الرجل : تدري ما تقول وما تتكلم به ؟ قلت : ما الخبر ؟ قال : رأيتك العشية مع الفقهاء في ميدانهم ، ورأيتك الآن في ميدان أهل الحديث ، وقل من يجمع ذلك ، فقلت : هذا من فضل الله وإنعامه .

                                                                                      [ ص: 31 ] قال ابن يونس : توفي في مستهل ذي القعدة سنة إحدى وعشرين .

                                                                                      كتب إلينا عبد الرحمن بن محمد الفقيه ، أخبرنا عمر بن طبرزد ، أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، حدثنا أبو محمد الجوهري إملاء ، حدثنا محمد بن المظفر ، حدثنا أبو جعفر الطحاوي ، حدثنا المزني ، حدثنا الشافعي ، حدثنا مالك ، عن أبي النضر ، عن أبي سلمة ، عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول ، لا يصوم ، وما رأيته استكمل صيام شهر قط إلا رمضان ، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان .

                                                                                      أخبرنا الحسن بن علي ، أخبرنا جعفر بن منير ، أخبرنا أبو محمد العثماني ، أخبرنا علي بن المؤمل ، أخبرنا محمد بن سلامة القضاعي ، حدثنا محمد بن الحسن بن عمر التنوخي سنة 398 ، سمعت أبا جعفر الطحاوي ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا يزيد بن بيان ، عن أبي الرحال ، عن أنس قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ما أكرم شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له عند سنه من يكرمه إسناده واه .

                                                                                      [ ص: 32 ] أخبرنا أحمد بن المؤيد ، وأحمد بن مؤمن ، قالا : أخبرنا أبو المحاسن محمد بن السيد الأنصاري ، أخبرنا نصر بن أحمد السوسي ، أخبرنا سهل بن بشر الإسفراييني ، أخبرنا أبو القاسم سعيد بن محمد الإدريسي ، حدثنا محمد بن الحسن بن عمر الناقد ، أخبرنا أبو الطيب أحمد بن سليمان الحريري قال : قال أبو جعفر الطحاوي . حدثنا أبو أمية ، حدثنا عبد الله بن بكر ، وعبيد الله بن موسى ، قالا : حدثنا مهدي بن ميمون ، عن واصل الأحدب ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر قال : كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسير له ، فلما كان في بعض الليل تنحى فلبث طويلا ، ثم أتانا ، فقال : أتاني آت من ربي ، فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله دخل الجنة . قال : قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : وإن زنى وإن سرق .

                                                                                      متفق عليه من حديث شعبة عن واصل .

                                                                                      مات سنة إحدى وعشرين الطحاوي ، ومكحول البيروتي ، وأبو حامد الأعمشي ، وأحمد بن مقرئ دمشق ابن ذكوان ، وأحمد بن عبد الوارث العسال ، وأبو علي بن رزين الباشاني الهروي ، وحاتم بن محبوب الهروي ، وأبو علي الحسن بن محمد بن أبي هريرة الأصبهاني ، وسعيد بن محمد أخو زبير الحافظ ، وشيخ المعتزلة أبو هاشم الجبائي عبد السلام بن أبي [ ص: 33 ] علي ، وإمام اللغة أبو بكر بن دريد ، ومحمد بن نوح الجنديسابوري ، وأبو حامد الحضرمي ، ويوسف بن يعقوب النيسابوري الواهي . روى عن أبي بكر بن أبي شيبة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية