الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاقة الإنكشارية والصهيونية بالإسلام في تركيا

علاقة الإنكشارية والصهيونية بالإسلام في تركيا

جنرالات تركيا … لماذا يكرهون الإسلام ؟ وهل الإسلام عقبة في طريق النهضة والتقدم ؟

هذان السؤالان هما عنوان كتاب للدكتور عبد الودود شلبي ، المفكر الإسلامي، والداعية المعروف ، والأمين العام الأسبق للدعوة بالأزهر .
في إطار محاولته للإجابة عن هذين السؤالين يغوص المؤلف في رحلة قصيرة وممتعة حول الدور الذي تمارسه قوى العلمانية ، وقبل ظهور كمال أتاتورك، ودعوات التخلي والانفصال عن الإسلام كدين في تركيا،
ويسجل شهادات حية لأبناء آخر خلفاء تركيا السلطان عبد الحميد ، والمؤامرات التي حيكت ضده ، على مدى أكثر من ثلاثة عقود ، بأيدي الصهيونية العالمية وقوى الاستعمار الكبرى في العصر الحديث ، حتى تنسلخ تركيا عن الإسلام ، وحتي يتناسى الأتراك وغيرهم من بلاد المسلمين أي دعوات عن الوحدة والروابط الإٍسلامية .

تنبع أهمية هذه الدراسة الصادرة عن دار المختار الإسلامي ـ رغم حجمها الصغير نسبياً ـ أنها تأتي في الوقت الذي تتصاعد فيه الحملة العلمانية ضد الإسلام وأصحاب الاتجاهات الإسلامية من أفراد وأحزاب ، آخرها في هذه الأيام حل حزب الفضيلة الإسلامي ليلحق بحزب الرفاه وزعيمه نجم الدين أربكان .

فتش عن الصهيونية
فتش عن الصهيونية وألاعيب اليهود وخدعهم الماكرة ، إذا أردت أن تضع يدك على مكامن الخطر وأسباب الزلازل السياسية والاجتماعية التي تتعرض لها تركيا منذ زمن طويل وحتى الآن
وطوال فترات المد الاستعماري قام اليهود بأدوار غاية في الخبث والخداع والمكر أيضاً لاختراق عرش الخلافة الإسلامية ، والسيطرة على مقدرات هذا البلد المسلم الكبير ، والتحكم في مفاتيح قوته السياسية والاقتصادية ..
وبلغت الحيل والمؤامرات أقصى مدى لها بعد السلطان عبد الحميد الذي رفض ـ بكل قوة ووضوح ـ الاستجابة لضغوط هرتزل وقوى الصهيونية العالمية والدول الاستعمارية المناصرة ، لها لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، رغم الإغراءات الكبيرة وألوعود بتقديم 150 مليون ليرة ذهبية إنجليزية .
قال السلطان في جواب قاطع حاسم كما سجلت مذكرات هرتزل : " لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل تكليفكم ، لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة فكيف أسود صحائف المسلمين ؟! وأسود صحائف آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء العثمانيين ، لهذا لن أقبل تكليفكم بوجه قطعي ، وبعد جوابي اتفقوا على خلعي فحمدت المولى أنني لم ألطخ وجه الدولة العثمانية والعالم الإسلامي بهذا العار الأبدي " .
وهكذا دفع السلطان ثمن موقفه الحاسم ، وكان للنفوذ الأجنبي مشاركة ضخمة مع الصهيونية العالمية في هذا الأمر ، وكانت المؤامرة عليه ذات شقين:
1 -إسقاط السلطان عبد الحميد: وهذه كانت مهمة الاتحاديين، وهو اسم يطلق على بعض الأتراك الذين يرون الرابطة القومية أهم من الرابطة الإسلامية .
2 -إسقاط الخلافة: وهذه كانت مهمة الكماليين " أتباع كمال أتاتورك ".

الخديعة الكبرى للحاخام زيفي
ويتوقف الدكتور عبد الودود شلبي أمام الخديعة الكبرى التي قام بها أحد حاخامات زمير ويدعى " سبتاي زيفي " الذي ادعى أنه المنقذ الإسرائيلي ، و لما انكشف أمره وكاد السلطان العثماني محمد الرابع أن يقضي عليه بعد جلسات معه انتهت إلى أنهم سيختبرون صدق مزاعمه بتوجيه ثمانية من أمهر الرماة للسهام حول جسده ، ولكن هذا اليهودي لجأ إلى خديعة شيطانية لينقذ بها حياته وتخترق الأمة التركية فتوسل إلى السلطان إن عفا عنه أن يشهر إسلامه ويكون من دعاته المخلصين ، وربما يكون سببًا في هداية اليهود إلى الإسلام !!

وبالفعل أعلن إسلامه وسمى نفسه محمدًا ولبس الجبة والعمامة وأخذ يدعو كل من استمع إليه من اليهود في تركيا إلى إشهار إسلامهم بأفواههم فقط ، ثم يمارسون نشاطهم الهدام لإفساد الأمة التركية ، وجعلها آلة في أيدي الصهيونية ، واكتشف أمره بعد ذلك حين كان يخاطب أتباعه في أحد الاجتماعات على مضيق البسفور في ضاحية بإسطنبول اسمها "كوروجسمة" باللغة العبرية ،
وكان يطالبهم بالسيطرة على المصادر الدينية والطبيعية والمالية والتجارية والحيوية الأخرى للأتراك ، وكان من المفترض أن يعدم هذا الرجل ، لولا تدخل شيخ الإسلام حينئذٍ ونصحه بنفيه إلى مكان يؤمن فيه شره ، لأنه لو أعدم سيكون شهيدًا ، وقد يضاعف من الأساطير التي تحاك حوله !!.

أتاتورك .. وإلغاء الشريعة
ويعرض المؤلف لمواقف أتاتورك والجهود التي بذلها لإلغاء الشريعة الإسلامية وإقصاء قضاة المحاكم الدينية ، حيث كان يرى أن الإسلام إنما ظل عاملا هداما في الماضي ، وأنه جنى على تركيا جناية كبيرة ، وألحق بها خسائر فادحة . وكان يقول في أكثر الأحيان إن قوة العقل وقوة الإرادة تتغلبان على قوة الآلة . وكان مصمما على سن القانون لتحريم الدين في تركيا، ولو احتاج ذلك إلى استخدام القوة وإلى الخدعة والتضليل .
ثم يشير المؤلف إلى إرهاصات الصحوة الإسلامية وما حدث في أعقاب انتخابات عام 1950 التي يعتبرها معلما من معالم التحول في تاريخ تركيا ، أو بداية سقوط أتاتورك في أعين الشعب التركي .
وينفي المؤلف بشدة أن يكون الإسلام عقبة في طريق التقدم ، أو أن يكون سببا في تأخر المسلمين ، ويضرب أمثلة على ذلك بقادة حركات الإصلاح في العالم الإسلامي الذين اتخذوا من الدين منطلقاً وركيزة لدعواتهم الإصلاحية ، وكان الدين هو السلاح الأقوى والأنجع في المواجهة.

الكتاب : جنرالات تركيا … لماذا يكرهون الإسلام ؟
تأليف : د.عبد الودود شلبي .
إصدار : دار المختار ـ القاهرة .
............
المجلة: العدد:1120

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة