الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كنت محبة للحياة والآن أسأل لماذا أنا في الحياة! هل أحتاج لطبيب نفسي؟

السؤال

السلام عليكم.

أود أن أطرح عليكم هذه المشكلة:

أنا منذ أن كنت طالبة ثانوية, كنت فتاة مفعمة بالحياة أحب الضحك والاختلاط بمن في سني, كنت أحب صديقاتي كثيرًا, أعتذر إن غضبوا مني حتى ولو لم أكن أنا المخطئة, أراعي شعور من حولي, وأخاف أن أجرح أحدًا بكلامي, وكان حلمي أن أتخرج من الثانوية وأدخل كلية الطب لأتخرج طبيبة ماهرة في مجالها, تساعد الفقراء والمساكين.

درست بجد, حاولت بكل ما أملك من قوة جمع الدرجات –والحمد لله- تخرجت بتقدير امتياز, إلا أنني ولدت في بلد ليس هو موطني الأصلي أي: أنهم يعاملونني معاملة الأجانب؛ لذلك لم يسمح لي بدخول جامعة الطب, وإذا أردت ذلك يجب علي دفع الأموال الطائلة التي لا يستطيع أبي دفعها, تنازلت عن فكرة الجامعة, وكنت أقول لنفسي لا بأس يجب أن يدرس أخي فهو رجل, ويحتاج إلى شهادته.

كنت أصبر نفسي في بادئ الأمر بذلك, إلا أنه مع مرور الوقت بدأت أشعر أن حياتي ليس لها دافع, فقط: أصلي, وآكل, وأذهب إلي النوم, مع مرور الوقت أصبح نومي يزداد بشكل كبير, حيث تغيرت ساعات نومي من 6 أو 7 ساعات إلى 10 أو 12 ساعة في اليوم, أصبحت لا أبالي بشيء, ولا أريد الخروج لمقابلة الناس, أصبحت حبيسة الغرفة, كنت أشاهد مسلسلات طبية في جهازي إلى أن أصبحت مدمنة مسلسلات.

لا أفعل شيئا منذ أن أستيقظ إلى أن أنام سوى: أن أتوضأ, وأشاهد المسلسلات, وأقوم للصلاة, وآكل دقائق قليلة, ثم أرجع إلى ما أنا عليه, كما أنني قطعت علاقتي بصديقاتي, لا أدري من المخطئ فينا, إلا أنني لم أفكر ولو لمرة أنني سوف أفتقدهم, أو أتمنى رجوعهم لي مرة أخرى, أصبحت أتمنى أن أموت سريعًا, بل وأحيانًا أفكر ماذا إذا لم أوجد في هذه الحياة, ما الذي سيتغير؟ لماذا أنا موجودة في الحياة التي لا أريدها؟ بينما هناك من يريدونها بقوة في المستشفيات؟ كما ازداد وزني بشكل غريب خلال فترة قصيرة.

سؤالي: هل أحتاج لمراجعة طبيب نفسي أم أنه وضع عادي, وستنتهي هذه الفترة؟ مع العلم أنني لا أستطيع مراجعة طبيب نفسي؛ لأن أهلي سيقولون: اقرئي القرآن, والتزمي بفروضك, ولا حاجة للطبيب النفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جوري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

أولاً: لابد (حقيقة) أن أشكرك شكرًا عميقًا, وأقول لك: جزاك الله خيرًا في أنك قد قدرت ظروف والدك, وتنازلت بكل أريحية لأن تتاح فرصة الدراسة لأخيك، فهذه (حقيقة) تضحية جميلة وطيبة، ويجب أن تحفزي نفسك بتذكرها والتدبر فيها، هذا الذي قمت به خطوة كبيرة جدًّا.

الذي لاحظته من خلال رسالتك: أنك قد مررت ببعض المحطات النفسية، تقلَّب مزاجك، أصبحت تصابين في بعض الأحيان بشيء من عدم الارتياح، أصبحت حساسة بعض الشيء، لجأت إلى عقاب الذات من خلال أنك أصبحت حبيسة الغرفة, وتشاهدين مسلسلات لفترات طويلة, هذه هي المحطات الرئيسية في حياتك.

وبالنسبة لزيادة الوزن قد تكون علامة من علامات الاكتئاب النفسي، فخمسة إلى عشرة بالمائة من مرضى الاكتئاب يزيد وزنهم، وذلك نسبة لعدم شعورهم بكينونتهم, ولجوئهم إلى الطعام كنوع من التفريغ وإزالة الحسرة، ويقول علماء السلوك أيضًا: إن في ذلك عقوبة للنفس.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أعتقد أن لديك إمكانات ممتازة لأن تجعلي حياتك أكثر سعادة وأكثر استقرارًا.

أولاً: لا تأسي على ما مضى، فأنت -والحمد لله تعالى- في بدايات طريق الحياة.

ثانيًا: انظري إلى ما هو إيجابي في حياتك، وحاولي أن تطوري هذه الإيجابيات وتقلصي السلبيات.

ثالثًا: عليك بحسن إدارة الوقت، وتجنبي العزلة، لابد أن تضعي جدولاً يوميًا تنفذيه بحذافيره، وهذا سوف يساعدك في إدارة حياتك بصورة إيجابية جدًّا.

رابعًا: اسعي دائمًا في بر والديك، وإن شاء الله تعالى أنت على هذا الطريق، وهذا محفز داخلي مهم جدًّا.

خامسًا: أنا دائمًا أرى أن ذهاب الفتيات لمراكز الدعوة وتحفيظ القرآن فيه خير كثير لهنَّ، يوسّع من المدارك، يقوي الشخصية، يطور المفاهيم، ويعطي الثقة بالذات، ويبني الإنسان علاقات ونسيجا اجتماعيا طيبا وإيجابيا, فيجب أن تعطي نفسك هذه الفرصة.

سادسًا: أريدك أيضًا أن تمارسي أي رياضة معقولة تناسب الفتاة المسلمة, هذا فيه خير كبير جدًّا لك.

لا أعتقد أنك في حاجة لأكثر من ذلك، ومقابلة الطبيب النفسي ما دام فيه صعوبة فلا تزعجي نفسك بهذا الأمر، طبقي ما ذكرته لك، وأضيفي إليه كل ما ترينه مفيدًا في حياتك، المهم أن تعرفي أن الله تعالى قد استودع فيك طاقات إيجابية, حتى وإن خمدت, أو كانت مكبوتة, أو مكنونة، بتقوية إرادتك -إن شاء الله تعالى– تستطيعين أن تحركيها لتعيشي حياة طيبة وهانئة جدًّا.

حياتك لها قيمة، وقيمة عظيمة جدًّا, اهزمي التشاؤم، وكوني متفائلة، وسوف تحسين بالتغيير الكبير -إن شاء الله تعالى-.

وانظري علاج الإحباط سلوكيا: ( 234086 - 259784 - 264411 - 267822 ).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً