الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تتم معالجة النسيان في وقت المذاكرة؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا لا أستطيع المذاكرة، فعندما أفتح الكتاب وأتذكر أنني نسيت ما تم مذاكرته ودراسته وأنه لا بد من المذاكرة مجددا أتعقد وأقفل الكتاب، خاصة أن المواد كبيرة، وأشعر أن حلمي في الطب ونجاحي لن يتحقق بسبب النسيان السريع، فأنا أنسى ما تم مذاكرته بسرعة، فأنا تعبانة نفسيا، فماذا أعمل كي أجدد من عزيمتي وحماسي، فليس لدي أمل في الحياة، فأنا أرى حلمي يذهب مني، على الرغم من أن طموحي وهدفي كبير؛ لدرجة أنني كنت أذاكر للمعادلة الأمريكية بجانب دراستي.

أنا طالبة في الفرقة الثالثة ولا أريد التخلي عن حلمي، أتمنى منكم المساعدة، فأنا أعيش في هذه الحياة بدون إحساس أشبه بالميتة، لا أطيق الحياة، ومنعزلة عن الناس، وجالسة في غرفتي لا أخرج منها وكلامي مع أهلي قليل، وأفضل عدم التحدث معهم، وغاضبة دائما، فأنا أموت في اليوم مئة مرة، الطب والمذاكرة هي كل حياتي، هي أهم شيء في حياتي فأنا لا شيء بدونها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ جهاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حسب ما فهمت من رسالتك -يا ابنتي- فأنت ما زلت مستمرة في الدوام في الجامعة، وأنت الآن في السنة الثالثة أي أنك قطعت جزءا لا بأس فيه من مشوارك الدراسي وهو الجزء الأصعب، وهذا أمر يجب أن يكون حافزا لك للتغلب على كل العقبات والمشاعر السلبية التي تثنيك عن الدراسة.

ومن الواضح بأن لديك حالة من الاكتئاب وهي السبب في شعورك بالعجز والكسل، وعدم القدرة على التركيز والرغبة في الانعزال وغير ذلك من المشاعر التي تشعرك بعدم القدرة على الاستمرار، والخبر الجيد هو أن الاكتئاب مرض قابل للعلاج، والحمد لله لدينا الكثير من الأدوية الفعالة والآمنة التي يمكن استخدامها، لذلك أنصحك بمراجعة الطبيبة النفسية لتقييم حالتك عن قرب، واختيار العلاج المناسب لها، وعندما تتناولين العلاج الصحيح ستشعرين بتحسن في خلال 2-3 أسابيع بإذن الله تعالى لكن يجب الاستمرار على العلاج للفترة التي تحددها الطبيبة، وبنفس الوقت أنصحك بعمل بعض التحاليل لنفي بعض الأمراض التي قد تتظاهر بأعراض تشابه أعراض الاكتئاب وأهمها: فقر الدم، نقص الفيتامينات، اضطراب وظيفة الغدة الدرقية، وهذا كنوع من الاحتياط فقط.

وإليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك:
1- اهتمي بصحتك الجسدية فهي أساس لصحتك النفسية وذلك عن طريق التعرض للشمس يوميا مدة لات قل عن 15 دقيقة في الصباح، أما عن طريق الخروج لحديقة المنزل، أو الجلوس أمام شباك غرفتك، وهنالك أيضا أجهزة تصدر أشعة كأشعة الشمس وقد أصبحت متوافرة في الأسواق ويمكنك شراء واحد ووضعه على مكتبك والجلوس أمام هذا الضوء عند الاستيقاظ مدة نصف ساعة، فقد تبين بأن أشعة الشمس تحرض خلايا الدماغ على إفراز هرمونات السعادة والنشاط، وهذه الهرمونات تعاكس هرمونات الشدة والتوتر.

2- ممارسة الرياضة بشكل مستمر ويمكنك المشي مدة ساعة يوميا، فالرياضة لها نفس مفعول أشعة الشمس، بالإضافة إلى تحسين اللياقة البدنية وزيادة الثقة بالنفس.

3- اتباع نمط صحي في الطعام بحيث يحتوي على االكثير من الخضار والفاكهة التي تحتوي على فيتامينات هامة لعمل خلايا الدماغ، كما أنصحك بتناول السمك (سلمون، سردين،ماكريل) مرتين أو ثلاثة في الأسبوع؛ لأنها تزود الجسم بأوميغا 3 و6 والتي هي ضرورية لعمل الخلايا العصبية.

4- مارسي أي عمل أو هواية تحبينها سواء داخل أو خارج المنزل مثل الاهتمام بتنسيق حديقة المنزل، الخياطة، الرسم، المشاركة في الأعمال الخيرية، حضور حلقات الذكر أو أي شيء آخر تحبينه ويناسب ظروفك، فالانشغال بعمل محبب سيشعرك بشيء من التغيير
وسيشتت الأفكار السلبية التي تراودك وتجعل نظرتك لنفسك نظرة سلبية.

5- اجعلي لنفسك هدفا محددا يكون حافزا لك لتغيير أفكارك السلبية عن نفسك مثلا: (أريد أن أصبح طبيبة ماهرة لها دورإنساني في مساعدة الآخرين وتخفيف آلامهم) اكتبيي هذا الهدف على ورقة واصطحبيها معك أينما ذهبت، وعندما تشعرين بالحزن أو تراودك الأفكار السلبية افتحي الورقة واقرئيها فهذا سيشحنك من جديد ويطرد الأفكار السلبية.

6- مارسي تمارين الاسترخاء وهنالك طرق عدة لهذه التمارين (تمارين التنفس، تمارين التأمل، تمارين التخيل)، ولعل أهمها في حياتنا كمسلمين هي الصلاة، ركزي خلال صلاتك في معاني ما تقرأينه من آيات وأدعية، وكلما شعرت بأن الأفكار السلبية راودتك لا تؤنبي نفسك بل عودي ثانية للتركيز في معاني ما تقرأين.

7- ضعي لنفسك جدولا للدراسة بحيث يكون سهلا عليك إتمامه في البداية هذا سيشعرك بأنك قادرة على الإنجاز والتحكم في نفسك وكافئي نفسك إن أتممت ما كتبت في الجدول، واجعلي المكأفاة بشيء بسيط تحبينه كتحضير كوب قهوة، أو مهاتفة صديقة تحبينها، أو حضور حلقة من برنامج هادف أو غير ذلك، ثم بعد ذلك ابدئي بإضافة أشياء على هذا الجدول بالتدريج وبشكل منتظم إلى أن تصلي إلى ما تريدين إنجازه أو دراسته، هنا ستشعرين بأن الأمر قد أصبح سهلا، وتشكلت لديك عادة إنهاء ما كتبته في الجدول الدراسي اليومي، والمهم هو أن تنجحي في المرات الأولى؛ لأن النجاح الأول سيكون حافزا وسيعطيك دافعا لتحقيق نجاحات أخرى بإذن الله تعالى.

أسأله جل وعلا أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.

-------------------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة د/ رغدة عكاشة............استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم.
وتليها إجابة د/ محمد عبد العليم........استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
-------------------------------------------------------------------------------------

أيتها الفاضلة الكريمة: بجانب الإجابة التي ذكرتها لك الدكتورة رغدة عكاشة أودُّ أن أقول لك:
كثيرًا ما تتعارض الطموحات مع الأداء، أنت الحمد لله لديك طموح كبير بأن تدرسي الطب، وطبعًا الطب من الكليات المقدِّمة، يحتاج الإنسان أن تكون درجته عالية، وهذا أدخلك فيما نُسمِّيه بـ (قلق الأداء السلبي) يعني: القلق نفسه طاقة مطلوبة وطاقة مهمّة جدًّا كطاقة إيجابية، الإنسان الذي لا يقلق لا يدفع نفسه، والذي لا يقلق لا ينجح، لكن حقيقة هذا القلق حين يزيد عمَّا هو مطلوب يؤدي إلى نتائج عكسية، يُشعر الإنسان بشيء من عُسر المزاج، بشيءٍ من الإحباط الظرفي، بشيءٍ من عدم القدرة على التكيُّف، الإنسان يحس أن الأمور قد خرجت عن سيطرته، ... وهكذا.

فالموضوع بسيط جدًّا إن شاء الله تعالى، كل الذي تحتاجينه هو تطبيق محتويات كلمة (رِفق) الراء: الرغبة، الفاء: الفرصة، والقاف: القدرة، فالرغبة الحمد لله موجودة، والفرصة موجودة، والقدرة موجودة بإذن الله تعالى، فإذًا الذي تحتاجينه هو تنظيم الوقت.

وحقيقة أنصحك بأن تنامي مبكّرًا، هذا أهم شيء، نحن الآن في ظروف رمضان الكريم، نامي مبكّرًا بعد صلاة التراويح – مثلاً – مباشرةً، ثم تستيقظي مبكّرًا، ساعة مثلاً قبل السحور، تُصلي ركعتين (صلاة الليل)، واجلسي وادرسي لمدة نصف ساعة مثلاً، تسحّري وصلي الفجر، ثم ادرسي لساعتين. هذا الوقت وقت عظيمٌ جدًّا، وقت البكور هذا وقت الاستيعاب، لأن المواد الدماغية الإيجابية تُفرز في هذا الوقت، ودائمًا يكون التركيز ممتازًا عند الإنسان.

وبعد ذلك في بقية اليوم، بعد هذا الإنجاز العظيم – الإنجاز في البكور – سوف تحسين أن رغبتك للأمور أفضل، أن تركيزك أفضل، أن دافعيتك أفضل، أمرٌ في غاية البساطة.

وبعد ذلك تذهبين إلى مرفقك الدراسي، كوني في الصف الأول، حاولي التركيز، كوني متفائلة، وبعد أن ترجعي إلى البيت ترتاحي قليلاً، ثم تُذاكري وتدرسي بعد الإفطار... وهكذا.

إذًا الأمر يحتاج لتنظيم الوقت فقط، لأن الأساسيات لديك موجودة، وهي: الرغبة، والفرصة، والقُدرة، والذي تمرين به هو مجرد عدم قدرة على التكيُّف، عدم قدرة على التواؤم، وسيكون من الجميل جدًّا أيضًا لو تواصلت مع زميلاتك، لأن الدراسة مع الزميلة مفيدة لك، هذا قطعًا ليس في جميع الأوقات، لا، تُخصِّصي مثلاً مرتين في الأسبوع، أو حتى لو كان عن طريق التليفون ووسائل الاتصال، مراجعة بعض النقاط المهمّة، حلّ بعض الامتحانات... وهكذا.

هذا هو الذي تحتاجينه، ولا أظنّك تحتاجين إلى علاج دوائي أبدًا، لكن أحتّم على النقاط التي ذكرتها الطبيبة (رغدة) وهي موضوع الغذاء، ممارسة شيء من الرياضة – أيًّا كانت نوعها وكميتها – سوف تكون مفيدة، التفاؤل، الدعاء مهمٌّ جدًّا. اسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يُسدد خطاك، هذا مهمٌّ جدًّا. شاركي الأسرة في أعمال المنزل البسيطة، لا تنقطي فقط للدراسة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً